۩ أكاديمية الفينيق ۩ - عرض مشاركة واحدة - رواية : " انتظـار فـوق رصيفٍ ليليٍّ "
عرض مشاركة واحدة
قديم 14-06-2020, 12:34 PM رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
محمد خالد بديوي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
رابطة الفينيق / عمون
الاردن

الصورة الرمزية محمد خالد بديوي

افتراضي رد: رواية : " انتظـار فـوق رصيفٍ ليليٍّ " الفصل الأول

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد خالد النبالي مشاهدة المشاركة
(رواية انتظـار فـوق رصيفٍ ليليٍّ )
تابع إلى الفصل الأول / الجزء 2
السَّمَاءُ تمُطِرُ، السَّاعَةُ الآنَ السَّابعَة صَباحًا، الطَّرِيقُ خَـالٍ مِنَ المَـارَّةِ
إنهُ يوم عطلةْ .. استسلمَ الكثيرونَ للنومِ راحةً بعد أسبوعٍ مِنَ التعبِ والإرهاقْ , غَيرَ أنَّ يوسُف أحَسَّ برَغبَةٍ مُلِحَّةٍ في الخُرُوجِ مِنَ البَيتِ
رَغمَ بُرُودَةِ الجَوِّ إِذ كَانَ لَيْلُهُ خَانِقًا كَأنهُ يمُسِكُ عُنُقَهُ بكَفَّيْهِ لا يُـرِيـدُ قَتْلَهُ
وَإِنمَّا يُرِيدُ أن يُرِيَهُ فَزعَ القَتْلِ ألْفَ مَرَّةٍ !

مَا كَادَ آذانُ الفَجرِ أن يَرتَفِعَ حتَّى جَلَسَ بحُجرَتِهِ يَرقُبُ ظُهُورَ أوَّلِ شُعَاعٍ لِلنُّورِ، وَمَا هَمَّهُ مَا يُعَانِيهِ مَن يخَرُجُ الآنَ إلى الطَّرِيقِ حَيثُ حَـبَّاتُ المَطَرِ، والبردُ يَلفحُ وجوهَ المارينَ فَيزيلُ رَونقَهَا وَيُحِيلُهَا إِلى شُحُوبٍ فَكَأنهَا وجُوهُ الأمواتِ لا وجُوهَ الأحيَاءِ مِنَ البَشَرِ .

إِنَّ آلامَ الحَيَاةِ حِينَمَا تَمُورُ وَتَصطَخِبُ بالنَّـفسِ الإِنسَانِيَّـةِ فَـلا بُدَّ مِن بحَثٍ عَن دَوَاءٍ وَطِبٍّ ،
فَإِن لَم يكُن , فَهُوَ الفِرَارُ مِنَ الحَيَاةِ بالفِرَارِ إِلَيهَا .

يا الله ! ... الفرارُ منَ الحياةِ بالفرارِ إليها ! ...
في بعضِ الأحايينِ ربما أخـذنا نتأمّلُ : أينَ الموضعُ الذي نـَفِـرُّ إليهِ إذا ما أردنـا أن نـهـرَبَ منَ الحياةِ ؟

كابوسيٌّ ذلكَ الخيال ! ... إذا ماتَ الإنسانُ وقُـذِفَ بـهِ إلَى قبرٍ من القبـورِ
ثمّ عادت إليهِ نـفسُهُ مـرَّةً أُخرى بينما جسدُهُ لا يقوى على حِـراكٍ وصوتـهُ لا يقدرُ على همسٍ وظلامُ القبرُ مُوحشٌ حَـدَّ القتل ...
فما العمل ؟ نعم ... إنـه ذلكَ الخيالُ !

مُنِيَ يوسُف بكُلِّ مَصَائِبِ الحَيَاةِ الكَبيرَةِ إِذا مَا كَانَ الحُكمُ عَلَى المُصِيبَةِ , بأنهَا كَبيرَةٌ أو صَغِيرَةٌ مُرتَبطًا بسِنِّ الإِنسَانِ مِن طُفُولَةٍ وَشَبابٍ وَرُجُولَةٍ وَكِبَرٍ, وَلِذا فَإِنَّ ابنَ الثالِثةِ وَالعِشرِينَ رَأي كُلَّ مَصَائِبِ الدَّهرِ في صُورَتِهَا الكَبيرَةِ ، فَمِن تَغـرِيبٍ وَتَشـرِيدٍ في الأرضِ بَعدَ أن أُجبرَ أهلُهُ عَلَى تَركِ فَلَسطِينَ رَفضًا لوجُودِ العَدُوِّ الصُّيهُونِيِّ بهَا ، إِلى فَقرٍ مُدقِعٍ زَادَ مِن وَطأتِهِ أنهُ كَانَ فَقرَ الغُرَباءِ لا فَقرَ أبنَاءِ الوَطَنِ وَالأرضِ وَالمكَانِ ، إِلى مَوتٍ أخَذ أعمَارَ بَعضِ أهلِهِ ، إِلى مَرَضٍ أصَابَ البَعضَ الآخَرَ، ثمَّ جَاءَ مُستَقبَلُهُ فَإِذا بهِ لا يُبشِّرُهُ إِلاَّ بالضَّياعِ ، فَالفَقـرُ وَالغُـربةُ وَالعَـائِلَةُ الكَبيرَةُ وَالحَنِينُ الدَّائِمُ إِلى الأرضِ الأُولى , كُلُّ ذلِكَ مثَّلَ عِندَهُ حَقِيقَةَ الضَّياعِ،

فَمَا يحَتاجُ إِلى عَبقَرِيَّةِ مُصَوِّرٍ وَلا إِلى رِيشَـةِ فـنَّانٍ مِـن أجـلِ أن يَفهَمَ هَـذا المَعـنَى , فَحَيَاتُهُ تُعبِّرُ عَن ذلِكَ المَعنَى في أعظَمِ صُوَرِهِ وَأبشَعِ أشكَالِهِ ، وَمَرَدُّ قُـوَّةِ الشُّعُورِ أو ضَعفِـهِ إِنمَّا هُـوَ إِلى حَـقِيقَةِ النَّفسِ الإِنسَانِيَّةِ وَطَبيعَتِهَا ، فَكَم مِن مُبتَلَىً لا يَشعُرُ لأنهُ صِيغَ مِن نَفْسٍ لا تَحُسُّ وَلا تَشعُرُ،وَكَم مِن ذِي بلاءٍ كَأنَّ البَلاءَ هُوَ, وَمَا ذلِكَ إِلاَّ لأنهُ خُلِقَ مِن شُعُورٍ نَابضٍ نَاطِقٍ يَهِيجُ مَعَ أقَـلِّ حَـادِثٍ وَيَضطَـرِمُ عِنـدَ أدنَى وَاقِـعَـةٍ ...
وَهَـذا هُـوَ مَا ضَخَّمَ أمرَ المَـأسَاةِ في نَفسِ يـُوسُف


فَكَانَ لا بُدَّ أن يَنتَظِرَ الصَّباح ... كَانَ لا بُدَّ أن يَنتَظِرَه !
نهاية الفصل الأول



كنت معكم هنا ..وما زلت أتابع ..إذن هي رواية تسرد أحداثها
من ذاكرة طافحة بالصور..يسترجع كما أشار شاعرنا الكبير :
عبد الرشيد غربال ..


{وأرى أن النمط سيكون استرجاعا }

لكن.. وكأنني لم أوفق بفهم هذه الجزئية :



{{السَّمَاءُ تمُطِرُ، السَّاعَةُ الآنَ السَّابعَة صَباحًا، الطَّرِيقُ خَـالٍ مِنَ المَـارَّةِ }}



{{مَا كَادَ آذانُ الفَجرِ أن يَرتَفِعَ حتَّى جَلَسَ بحُجرَتِهِ يَرقُبُ ظُهُورَ أوَّلِ شُعَاعٍ لِلنُّورِ، وَمَا هَمَّهُ مَا يُعَانِيهِ مَن يخَرُجُ الآنَ إلى الطَّرِيقِ حَيثُ حَـبَّاتُ المَطَرِ، والبردُ يَلفحُ وجوهَ المارينَ}}


لا أدري ففي الأولى تشير الساعة إلى السابعة صباحا...وفي الثانية عند آذان الفجر
هنا نلمس وجودا للمارين بينما في السابعة الطريق خال من المارة.

إلى اللحظة يحافظ السرد على رونقه وبدأنا نمسك بأول خيوط الرواية.


شاعرنا المتألق محمد خالد لنبالي

بوركتم وبورك نبض قلبكم الناصع
احترامي وتقديري






قبل هذا ما كنت أميز..

لأنك كنت تملأ هذا الفراغ


صار للفراغ حــيــــز ..!!
  رد مع اقتباس
/