۩ أكاديمية الفينيق ۩ - عرض مشاركة واحدة - معـادلات ضوئيـة
عرض مشاركة واحدة
قديم 29-11-2014, 04:06 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
مصطفى ملح
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للإبداع الأدبي
يحمل وسام الأكاديميّة للعطاء
المغرب

الصورة الرمزية مصطفى ملح

افتراضي معـادلات ضوئيـة

معـادلات ضوئيّـة


أشرب ضوء الأبـد

قَسَماً بالذي سَمَكَ السَّبْعَ في سِتَّةٍ ورَمى الرّوحَ في الطّينِ فانْبَثَقَتْ كَالغُلالَةِ نَسْمَةُ آدَمَ من عَدَمٍ، لَسْتُ أَخْلَعُ ثَوْبَ يَقينٍ إِذا اللهُ أَلْبَسَنيهِ، وقَدْ كُنْتُ قَبْلَئِذٍ عارِياً..
قَسَماً بالذي كَتَبَ الغَيْبَ في اللَّوْحِ ثُمَّ أَحاطَ بِهِ عِلْمُهُ، وسَقى بِرَذاذِ مَشيئَتِهِ سِدْرَةَ المُنْتَهى، لَنْ أَبيعَ لِعابِرَةٍ ضَوْءَ مُعْتَقَدي، وصَباحَ يَقيني، مُقابِلَ كِسْرَةٍ وَهْمٍ، وحَفْنَةِ مَوْجٍ..
سَأَعْبُرُ أَلْفَ صِراطٍ وأَصْعَدُ أَدْراجَها السّامِقاتِ، وإِنْ جُرِحَتْ قَدَمايَ، فَرَبّي يَرُشُّ على حُمْرَةِ الجُرْحِ نَهْرَ بَياضٍ من الصَّبْرِ.. رَبّي يَجودُ بِمَغْفِرَةٍ تَسَعُ العالَمينَ، ونَحْنُ على الحَوْضِ نَشْرَبُ ضَوْءَ الأَبَدْ!

أستحمّ بماء بعيـد

يَشْرَبونَ نبيذاً وأَشْرَبُ ضَوْءاً. ولا أَسْتَحِمُّ سِوى بِحَريقٍ وهُمْ يَسْتَحِمّونَ في غُرَفٍ ضَيِّقاتٍ. وحينَ أَجوعُ أَمُدُّ يَدي لِلسَّماواتِ أَجْني بُروقاً ولَكِنَّهُمْ في المَمَرّاتِ يَفْتَرِسونَ بَقايا ظِلالٍ. وأَتْرُكُهُمْ يَلْعَقونَ كُؤوساً بِمَسْكوبِها يَكْتَفونَ، وأَشْرَبُ ضَوْءاً فَتَزْدادُ ذاكِرَتي عَطَشاً!

الوصول إلى الضّـوء

بَيْنَ الدَّمِ والأَمْعاءِ نمَوْتُ. سَعيداً كُنْتُ. وقَدْ يَرْتَجُّ بِيَ الوَطَنُ التَّعْبانُ بِزِلْزالٍ أَوْ رَعْدٍ أَوْ فَيَضانٍ، لَكِنّي ما ضِقْتُ بِبَيْتي يَوْماً. مَرَّتْ أَيّامٌ وشُهورٌ راكِضَةٌ، والتِّسْعَةُ مِنْها مَرَّتْ فَاْنْطَفَأَتْ شَمْعاتي. أشْعُرُ أَنَّ يَداً تَمْتَدُّ إِلَيَّ من النَّفَقِ المَفْتوحِ بِبَيْتي. كُنْتُ أَموتُ. يَدٌ أُخْرى تَمْتدُّ. وتَدْعَمُها أَيْدٍ مَعْروقاتٌ. وأَخيراً رَأْسي يَخْرُجُ. أَصْرُخُ في وَجْهِ الضَّوْءِ المُتَشَبِّثِ بي. ثُمَّ امْرَأَةٌ من حَوْلي تَصْنَعُ زُغْروداتٍ. ثُمَّ أَرى أُمّي وأَبي.. وأَرى الدُّنْيا...
ضوئيّـات

الضَّوْءُ صَديقي. أَعْرِفُهُ مُنْذُ الصَّرَخاتِ الأُولى للميلادِ. خَرَجْتُ إِلى الدُّنْيا.. خَلْفي رَحِمٌ وأَمامي ضَوْءٌ يَسْنُدُني. ثَدْيٌ في ثَغْري ضَوْئِيٌّ ... إيقاعُ القُرْآنِ المَسْكوبُ بِأُذْني ضَوْئِيٌّ ... فَمُ أُمّي ضَوْئِيٌّ وكَلامُ أَبي المُتَدَفِّقُ فوْقي ضَوْئِيٌّ ... حَتّى الظِّلُّ المُسْتَسْلِمُ تَحْتَ المَقْعدِ ضَوْئِيٌّ ... مُنْذُ الصَّرَخاتِ الأُولى للميلادِ وهذا الضَّوْءُ صَديقي: كَيْفَ أُبَدِّلُ كَأْسَ الشَّمْسِ بِكَأْسِ اللَّيْلِ وروحي لَيْسَتْ شارِبَةً إِلاّ ضَوْءاً !

أعود إلى كوخ الصيّـاد

ما كُنّا يَوْماً مُتَّفِقَيْنِ.. أَنا والعالَمُ: يَمْشي غَرْباً أَمْشي شَرْقاً. لَمْ أَكُ رُمْحاً في صَدْرٍ. لَمْ أَسْبِ بَرامِكَةَ العَبّاسِيّينَ، ولَمْ أَكُ لِصّاً للتُّحَفِ المَخْبوءَةِ في بِئْرِ الأَبَدِيَّةِ. لمْ أَسْرِقْ قَمَراً فِضِّيّاً من كوخِ الصَّيّادِ. وكانَ العالَمُ يَأْكُلُ من حَطَبِ الغاباتِ ويَتْرُكُ بَيْتَ الصَّيّادينَ بلا فَرَحٍ..
ما كُنّا يَوْماً مُتَّفِقَيْنِ.. أَنا والعالَمُ: يَحْمِلُ ديناميتاً أَحْمِلُ وَرْداً. أَحْلُبُ ثَدْيَ اللَّيْلِ نَبيذاً للغُرَباءِ، ويَحْلُبُ ثَدْيَ الرّيحِ فَيَسْكُبُ ماءَ النّارِ. وأَمْشي شَرْقاً يَمْشي غَرْباً..
ما كُنّا في يَوْمٍ مُتَّفِقَيْنِ.. أَنا والعالَمُ: أُولِجُ فيهِ بَياضي يولِجُ عَتْمَتَهُ في ضَوْئي. أَتْرُكُهُ وأَعودُ إلى كوخِ الصَّيّادِ أُفَتِّشُ عن قَمَري..






  رد مع اقتباس
/