۩ أكاديمية الفينيق ۩ - عرض مشاركة واحدة - حنين
الموضوع: حنين
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-05-2016, 10:03 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أمين خير الدين
عضو أكاديميّة الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
فلسطين

الصورة الرمزية أمين خير الدين

افتراضي حنين

حَنين
اشتقت إلى الماضي البعيد.
لأيّام زمان.
حين كانت قدماي تصافح التراب حافية،
اركض في شوارع القرية وحقولها... قبل أن تصير للشوارع أسماء أجنبية...وقبل أن تُتحول الحقول المحاصرة إلى سبيّه،
وقبل أن تُزَفّتَ بالزفت الشوارع.
اشتقت لأيام الطفولة،
وللقلوب النظيفة من الحقد الأسود كالزِّفت!
ولقَطْف التّبْغِ (الدُّخّان)، على ألندى، وطعم دَبَقِهِ المتشبِّث بأيدينا النظيفة،
اشتقت لدرب العَيْن
قبل أن تجفَّ العيون : عَيْن المَزاريب، وعَيْن النِّمْرة، وعَيْن البّحْرَة.
وقبل ان تصبغ العيون العسليّة والبنيّة والخضراء بلون الزِّفت.
اشتقت للوديان، ونحن نسبح بمياهها المكشوفة، غير النظيفة، قبل الغياب وبعد الغياب ...
وحين نعود تكون "علقتنا" كالزّفت!
اشتقت إلى مساطر المعلم
التي كانت تترك بصماتها على أكفِّنا، وكانت مع ألَمِها ألذَّ من عِناق النِّفاق، أو نفاق العناق!
اشتقت إلى أيّام الفقر النظيف، واللقمة النظيفة المغموسة بالتواضع، وطيبة القلب والسرِّ والسريرة.
وإلى النوم على السطوح المكشوفة، والنسمة الباردة التي تداعب النفوس النظيقة والسليمة من الإنفصام، ومن الزعامة، وحبِّ الظهور وقلَّةِ الضمير، وتتعوَّدَ الأمرَ بالسوء.
وإلى نسمة الفجر الخالية من رائحة الدّمِ، والبارود، والمازوت، ومياه الصّرْف الآسِنَة، والزفت.
اشتقت إلى لَمّة الأصحاب حول المذياع، لنسمع عبد الوهاب وفريد الأطرش وعبد الحليم وشاديه وصباح ، وأصواتهم تتلألأ مع أضواء حفلات أضواء المدينة.
اشتقت إلى تجمعاتنا الصامتة، المتلهفة لالتقاط كل كلمة يقولها عبد الناصر.
وإلى البيانات المضحكة التي كانت ترافق الانقلابات الموسمية في سوريا!
تلك الانقلابات المتقزِّمة مقارنة بانقلابات هذا الزّمن الزفت.
وإلى زمن لم نكن نرى الزفت إلاّ على الشوارع
وإلى القلوب النظيفة، قبل أن تطفح بالزِّفت
اشتقت إلى زفت الشوارع الذي يتوار ويذوب..يذوب خجلا أمام
زفت النوايا،
وزفت القلوب الطافحة بالحقد،
وزفت واجهات المآتم والأعراس،
والانتخابات المحلية
أو القُطْريّة
وفتاوى التكفير
والتعصّب
والاحتلال
وداعش
والمستوطنين
والحصار
والاعتقالات الإداريّة
وحضارة الإطْعام القَسْري
والاستهتار بالقانون الدولي، والإنساني، والحقوقي،
وبالمجتمع الدولي، والرأي العام العالمي.
اشتقت إلى زمنِ زمااااااااااااان!
النظيف من الزفت!
2015/8/18







لأني أحب شعبي أحببت شعوب الأرض
لكنني لم أستطع أن أحب ظالما
  رد مع اقتباس
/