|
⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
17-01-2021, 01:07 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
سلحفاة الحَظّ
سلحفاة الحَظ
بقلم يوسف ق. سلامة كان الجو معتدلاً بالرّغم من أن فصل الصيف كان بالغاً أشد معدلاته في الحرارة. أحبّ ساهِد نسيب سيف وأخيه ظافر اصطحابهما في نزهة إلى الشاطِئ، عِلماً بأنه يكبرهما بثلاثين عاماً. ما إن بلغوا الشاطِئ حتى وقف ساهد الفارع الطوع مواجهاً البحر خالعاً قميصه مستعرضاً عضلاته بهدوء أمامها وهو يبتسم رامقاً إياهما بنظرات تنمّ عن ذكاء حاد وخبرة حياتية قَلّ نظيرها. ثم تناول كيساً قماشياً فيه زجاجات ماء وطعام. وإذا به يستشعر حركة الهواء والأمواج ويسير بالشّابّين الصغيرين على طول الشاطئ ناظراً إلى الأرض وقائلاً: أتذكرون مسلسل جزيرة الكنز تأليف الأديب العالمي الشهير روبرت ستيفنسون؟ أجاب سيف وهو أخو ظافر البِكر: نعم، إن قصته لَفي مخَيّلتي دائماً، ترى هل جرت أحداثه فعلاً؟ ساهِد (مُقاطِعاً): لا يمكن ذلك فهو أديب معروف بقصصه الخالية، وقد كُتِبَت للأطفال. ثم رمقهما بنظرة نامّة عن سُخرِيَة. ظافِر: لكننا كبرنا، فأنا في العاشرة من عُمري. سيف: نعم، ما هي إلا سنوات قليلة فنُعْتَبَر من بالغين. ساهِد: ما أقوله يا أخوتي هو الصواب دونما شَك، فما زالت الأيام أمامكما كثيرة. وفجأة، استرعى انتباه سيف صَدَفة فانتشلها، كانت عادية بمكان، لكن بجوار إحدى الصخور البحريّة. قلبها، فإذا هي حجر أحفوري نادر نقشت عليه صورة طُحلب ذي خمسة فروع منطلقة من المركز بشكل متساو! ساهد (بدهشة): انت مستكشف إذن. لما لم تخبرني بذلك. ثم أطلق ضحكة عالية. وأردف قائلاً: هاته أتأمّلهُ. فإذا به يتفحصه بتمعن شديد ظهراً ووجهاً، مستتبِعاً: يا له من اكتشاف، احفظه عندك. سيف: ألا ينبغي تسليمه إلى المتحف ما يرفع من شأن الوطن. ساهد: احفظه الآن وسنبحث عن غيره. ثم جعل يُنَقّب بين الصخور بمفرده لكن دونما جدوى. عاد وعيناه مسمرتين على سيف، مظهراً الإعجاب وهو يقول، أنت فظيع. فاكتفى الشابّان الصغيران بالابتسام. قال ساهد: سأغوص في الماء عَلّني أعثُر على شيء نظيرهُ، ثُمّ ألقى بنفسه في اليَمّ، وما هي إلا ثوان حتى ظهر على بعد عشرات الأمتار من الشاطئ! وإذا بالدهشة تعلو وجهي الأولاد لسرعة وصوله. أما الأغرب فهو إبقاء كيس الطعام على ظهره، فهو لم يسمح لهما حَتّى بطلب ابقائه معهم! استغرق غيابه خمسة وأربعين دقيقة. إلا أن رأسه اطَلّ في تلك اللحظة مجددا عند الشاطئ. فإذا بظافر يصيح والدموع تتساتل من عينيه: أين كنت؟ ظنناك غرقت. كان ساهد واضعاً يده اليمنى خلف ظهره كأنه يُخفي شيئاً ما، ثم قال لِظافر (بِلُئم): احترم أكبرك سِنّاً. وإذ كان ظافر صغيراً عن الرد بالإجابة الصحيحة، اكتفى بالاعتذار. وكان أخوه منصدماً من هذه اللهجة. حاول سيف الالتفاف حوله لمعرفة ما يخفيه، لكن ساهد راح يبتعد نحو الماء عله يبعدهما، إلا أن سيف باغته بقفزة غطس فيها في الماء ليصير خلف ظهره ليلمح سلحفاة ملوّنة- كألوان قوس قزح، باهرة المنظر، تكاد تخرج من الكيس ممزقة بعضه. وللحال بادرهُ ساهد بالقول: إنها هدية لكما، فأخذاها فرحين. أحب ظافر وضعها في قفص كبير فابتاعوه أثناء عودتهم. ثُمّ مَرّت الأيّام والشابّان منهمكان بإطعامها أفضل طعام. كان ساهد قد سافر بداعي العمل إذ حصل كتاجر على صفقة عمل كبيرة في دولة "لكسمبورغ". وحدث بعد أسبوعين أن مرضت السلحفاة، وما عادت تأكل. فإذا بوالد سيف الإنساني النبيل يأخذها إلى طبيب بيطري. وبعد فحص الأشعة، تَبَيّن أنها محشوّة بأصداف هي كناية عن محار فيه لؤلؤ تقدر قيمته بمئات الدّنانير بل آلافها. سأل الطبيب: أما تَقَيّأت قبل ذلك؟ سيف: بلى، أصدافاً قليلة، لكني ما فتحتها- الأصداف بل احتفظت بها بعد غسلها. وهنا سأله الطبيب: من أحضرها؟ سيف كانت في إحدى الصخور القائمة في أعماق المياه ويبدو أن التيار جرفها إلى هناك. وحدث بعد عدة أيام أن عاد ساهِد ليلاً ، فأحب زيارة أنسبائه قبل الذهاب إلى بيته،وكان الشابان نائمين. فأخذ الأصداف من خزانتهما سِرّاً كاتباً على ورقة الكلمات التالية: احتجتُ لبعض المال فوجدت أخذ الأصداف بعد سؤالي والدك عن مكانها. أعترف لكم بإدخال الأصداف في فمها لمفاجئتكما بأنها تصدر لؤلؤاً، فلم أُفْلِح. آسف على موت السلحفاة وتَصَرّفي الوَحشيّ اللاإنسانيّ، وأرجو عدم ذِكر الأمر لأحد. أخوكم، ساهِد. قرأ سيف الرسالة عند استيقاظه فجراً، وبكى بشدة مذهولاً. كان قد أخفى الحجر الأحفوري تحت سجادة الغرفة، أخذه، وأعطاه لوالده الذي سلّمه بدوره للمتحف الوطني، فنال بلده شهرة واسعاً واهتمام الدول لا سيما تاريخها الذي سطع كالشمس بفضل هذا الشاب الصغير الإنساني. أما الرسالة فوقعت صُدفة بيد أحد أصدقائه الذي أخذها وأخبر ذويه عن قصتها العجيبة، وكان والده أحد رجال الأعمال الكبار المعروفين الذين أنجز ساهد معهم الصفقة، إذ حدث أن خدع ساهد ذلك التاجر بإيهامه بأنه لا يملك مالاً فأدانه التاجر آلاف الدنانير، في حين أنه أثبت أنه يملك ما يساوي الملايين في البنك. كان رجل الأعمال ذاك في حاجة ماسة للمال لدفع أجار منزله المهدد بالإخلاء. وكان قد أدان ساهد منذ عدة سنوات، إلا أنه- ساهد كان ينفقها بتبذير حتى كاد أن يُفلس. فقدم التاجر شكوى بحق ساهد، فأسقِط في يد ساهد المُفْلِس ومكث في السجن أعوام قضى فيها نحبه بعد إصابته بوباء كورونا. |
|||
17-01-2021, 02:37 PM | رقم المشاركة : 2 | ||||
|
رد: سلحفاة الحَظّ
قصة رأيتها جميلة .. فيها من الوفاء والتضحية والعبر .. سرد راق وجذاب .. ولمست اشتغال وجهد عليها
رغم بعض الأخطاء اللوحية .. احتفظت القصة بجمالها وسلاستها كقصة أطفال مشوقة مثيرة .. وحزنت لموت البطل في نهايتها تحياتي لك الأديب أ. يوسف قبلان سلامة
|
||||
17-01-2021, 05:07 PM | رقم المشاركة : 3 | |||
|
رد: سلحفاة الحَظّ
نشكر قراءتكم وتعليكم أستاذ جمال مع امتناننا.
|
|||
17-01-2021, 05:09 PM | رقم المشاركة : 4 | ||||
|
رد: سلحفاة الحَظّ
اقتباس:
شكرا جزيلا الأستاذ العزيز أحمد على قراءتكم القيمة وتعليقكم الجميل. تمّ تعديل الأخطاء الكيبوردية. وافر امتناننا وتقديرنا. أخوكم، يوسف ق. سلامة |
||||
17-01-2021, 11:53 PM | رقم المشاركة : 5 | ||||
|
رد: سلحفاة الحَظّ
قصة حاولت بجد إيصال أفكار ورؤى في نص اشتغل عليه
إنما تعدد الأفكار لا بد إنه يشتت الانتباه عن الفكرة الرئيسبة تحياتي وتقديري
|
||||
18-01-2021, 02:57 AM | رقم المشاركة : 6 | ||||
|
رد: سلحفاة الحَظّ
اقتباس:
احترامنا. |
||||
30-01-2021, 03:14 PM | رقم المشاركة : 7 | ||||
|
رد: سلحفاة الحَظّ
قمة الأبداع السردي أستاذ يوسف
وما أحوجنا للوفاء في زماننا والتضحية بوركت
|
||||
01-02-2021, 11:19 AM | رقم المشاركة : 8 | ||||
|
رد: سلحفاة الحَظّ
اقتباس:
تحية تقدير وعرفان وشكر لقراءتكم أستاذنا العزيز سيد مرسي، تشرفني قراءتك دائما وتعليقكم الذي يضفي كل بهاء. أخوكم، يوسف ق. سلامة |
||||
|
|
|