لِنَعْكِسَ بّياضَنا | |
« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر » |
|
⊱ من ذرْوَةِ الرّمــــــــــاد ⊰ >>>> من ذروة الرماد ينبثق الفينيق إلى أعالي السماء باذخ الروعة والبهاء ... شعر التفعيلة >> نرجو ذكر التفعيلة في هامش القصيدة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
15-08-2010, 11:40 AM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
" محمود وشوشني قصيدته الأخيرة .
" محمودُ " وشوشني قصيدته الأخيرة !
( لروحِ أخي محمود درويش .. هذا النشيد ! ) د. نديم حسين (1)
بِسَبْعِ لُغاتٍ رفَعتُ وَقارَكِ فَوقَ المآذِنِ سَـقفًا فَسيحًا كصَدْرِ البِلادِ ، كَريمًا كَريمًا كثَديِ البلادِ وحَيًّـا كماءِ البُحَيراتِ يأتي ومِثلَ الجِّبالِ تُنَظِّفُ ريحَ الشَّمالِ اللئيمِ مِن البَردِ ، فهل ستُكفِّرُ تلكَ الثُّلوجُ عن القَشْعَريرَةِ يَومًا فتُلقي الدُّعاءَ الكَثيفَ عليكِ ؟ وما كُلُّ هذا البُكاءِ إِذًا ؟ وما سِرُّ هذا العَذابِ الرَّحيمِ بسَبعِ لُغاتْ ؟ (2) وأكتبها إذا جرسٌ تدلَّى من حروف الليلِ كي يحظى بمُفردةٍ تنادي ألفَ نجمٍ للصَّلاهْ ! أنا الأُمِّيُّ يُطربُني إذا طربَتْ بقايا بسمةٍ فوقَ الشِّفاهْ ! أنا الأُمِّيُّ يذبحني إِذا رقصَ الحَمامُ على مواويلِ الطُّغاهْ ! أنا الأُمِّيُّ يشربُ ماءَ ساقيةٍ قَضَتْ – يُحكى – لكي تمشي على وجهِ المياهْ ! أنا الأُمِّيُّ عزَّاني بموتي أنَّ قلبَ شهيدَتي بَيتُ الإِلهْ ! أنا الأُمِّيُّ ، قالَ "المُصطَفى" .. لكنَّها صَدَقَتْ كما صَدَقَ الرَّبيعُ ، وما قَضَيتُ إِذا قضَيتُ وإِنَّما مِن قسوةٍ تعبي غَفا ! روى الحُكماءُ عن شَفَةِ الرَّسولِ المُصطَفى ! وقد رَوَت الرِّوايةُ كلَّ أَحزانِ الرُّواةْ ! (3) قصفوكِ يومَ المحنتينِ بزِندنا وزِنادنا قصفوا مآقينا بدمعِكِ يا "خَديجَهْ" ! هي دمعةٌ وتَسُـوقُ دمعَهْ . هي دمعةٌ وتُصيبُ شَمعَهْ . وبِعيدِ ميلادِ الظَّلامِ سيَنزلُ الخُطباءُ عن شَفَتَيِّ "جُمعَهْ" . ويذوبُ سورُ القُدسِ في كَفِّ الحُماةْ ! (4) تُحِبُّ المَنافيْ ونَسْجَ القَوافيْ لتأويْ شتاءً لثَوبٍ رَماهُ خَيالٌ يسيرُ على الشِّعْرِ حافيْ ! تُحِبُّ السَّواقيْ وضِيْقَ الرُّواقِ وتذبَحُ نهرًا وترمي زُنودًا "بفـاءٍ" تـنامُ على ظَهْرِ "كافِ" ! توقَّفْ قليلاً وحدِّقْ بقَلبيْ لعلَّكَ ترمي على النَّبضِ شالاً تَطوفُ كثيرًا ، عساكَ صَديقيْ تذوقُ أَخيرًا ثِمارَ الطَّوافِ ! فِراشًا قليلاً وبَعضَ السُّباتْ ! (5) كَفَّانِ مِن جِبْصٍ تُصَفِّقُ فيهِما روحُ النَّدى تمثالُ سيِّدةٍ إذا ولَدَتْ تَلِدْني عِبرَةً لمَن اعتَبَرْ ! هل قَبَّـلَتْ كَـفَّيْ " عُمَرْ " ؟ رتَقَتْ عَباءَتَهُ المُسِنَّةَ ، أَلفُ خيطٍ في قُماشَتِها كَفَرْ ! حبِلَتْ بِلا دَنَسٍ فأَخضَعَها الهَوى ، سارَتْ على وجهِ اللَّهيبِ فما انطَفَتْ ! مِترانِ فَوقَ تُرابِنا ، مِترانِ تحتَ سَمائِها سارَتْ وما وصَلَتْ إلى وطنٍ يقولُ نخيلَهُ الباكي على كَتِفِ الشَّجَرْ ! ما فيكَ يا هذا التُّرابُ لكي أموتَ عليكَ كالقمَرِ النَّهاريِّ الذي يَرتاحُ خَلفَ الشَّمسِ في مَوتِ القَمَرْ ؟ ما فيكَ يا هذا التُّرابُ لكي يُهلِّلَ عاشِقٌ لحبيبةٍ كسَرَتْهُ زَهرةُ حُزنِها ، حَمَدَ الإِلهَ لإَنَّهُ المَحظوظُ أَنَّ قَوامَهُ العاليْ على يَدِها انكَسَرْ ؟ وتزورُ حُمَّى اللَّيلِ مَرقَدَ طفلَتي فتقولُ : يا أَبَتي قَليلاً مِن دَواءٍ ! ثمَّ أَطهوْ مُطْرِقًا روحَ الحَصاةِ لطفلتيْ لتنامَ كي أَصحوْ على بيتينِ من شِعْرٍ يُبَلسِمُ قانِعًا وطنًا بقَلبٍ مِن حَجَرْ ! ما أَنتَ يا هذا التُّرابُ وأَنتَ غَيْبٌ أَنتَ ذُلٌّ أَنتَ فَقرٌ أَنتَ قَهرٌ أَنتَ دَمعٌ أَنتَ مَوتٌ ، أَنتَ ما أَنتَ – الحُضورُ وعِزُّ قَلبٍ دامِعٍ والعُمرُ كلُّ العُمرِ مَنثورًا على بعضِ السَّفَرْ ؟! ما فيكَ يا هذا التُّرابُ يُقيلُنا مِن عَثْرَةٍ ؟ رجُلٌ تُحَلِّلُ ظِلَّهُ الذَّاويْ شُموسٌ في عِبادتِها كَبَتْ ، رجُلٌ يعيشُ لظِلِّهِ وبظلِّهِ رجُلٌ يعيشُ ككُتلَةِ الحُزنِ الحَزينِ ونَظرَةٌ تُغْويْ السَّرابْ ! ما فيكَ يا هذا التُّرابْ ؟ روحٌ ويَنتَعِلُ استِحالَتِها الحُفـاةْ !. (6) كسابِحَةٍ تُسابقُني فتَسبِقُني إِلى دِفءٍ برَحمِ الماجِدَهْ . ويُنصِفُني رِضا أُمِّيْ ! وتَسبِقُني إلى دِفءٍ برَحمِ الأَرضِ أَرضَعَني رِضا أُمِّيْ ! ومِن رَحمٍ إلى رَحمٍ يسيرُ العُمرُ مُتَّـكِأً على كَتِفَينِ مِن فَرَحي ومِن هَمِّيْ ! ودمعَةِ ساجِدٍ جَوفَ المآقي ساجِدَهْ ! إِذًا ، أُمِّي وأُمُّـكَ واحِدَهْ ! وقُمتَ مُبَكِّرًا وزرعتَ بيتكَ في بَقاءِ الأَرضِ ، لا عَجَبٌ إِذا ما جاهَرَ اليَقطينُ والصُبَّارُ والآبارُ إِنْ باحَتْ بأَسرارِ الدُّروبِ العائِدَهْ ! وعُدتَ مُبَكِّرًا فهَمَستَ في أُذُنِ البِلادِ حَنينَكَ المَبحوحَ والآخَ البَتولَ الرَّاشِدَهْ ! تُحَرِّرُ قَبرَ عاشِقِها ، تُناقِشُ في هُدوءٍ كُلَّ مَن جَزَموا بأَنَّ الحَيَّ داخِلَ قَبرِكَ المأْهولِ ماتْ ! (7) ودولَةُ قلبِكَ الصُّغرى تُمارسُ عَهْدَها الطَّاغيْ على سَرجَينِ مِن زَمَنٍ . ودَولةُ عَقلِكَ الكُبرى تُعلِّقُني على بَدَنَينِ مِن وَسَنْ . ستَخلَعُ ما تَبَقَّى مِن ثِيابِ الوَهمِ كي تَعْرى كجَمرَةِ قابِضٍ في مَوقِدٍ لَكَزَ الرِّياحَ الجَّامِدَهْ ! وكُنتَ كمَوجةٍ عَكْسَ البِحارِ تَسيرُ ، كُنتَ كنَسمَةٍ فَوقَ الرِّياحِ تَطيرُ ، كُنتَ كشَمعةٍ غَبَّ الظَّلامِ تُنيرُ ، كُنتَ كصَدرِكَ العاريْ تَقولُ : يَكونُ إِنْ نَهَرَ الخُطى ذاكَ المَصيرُ ، وكُنتَ مَن سَمَّى كَلامَ الوَردِ في الدُنيا فرادَفَهُ العَبيرُ ، وغارَةً لَم تَنْسَ يَومًا أَنَّ مُبْدِعَها المُغيرُ ، وكُنتَ أَجمَلَ مَن غَوى قَنْصَ البلادِ الشَّارِدَهْ ! ومِن قَمَرٍ إِلى قَمَرٍ قَفَزتَ لتَتَّـقيْ شَرَّ الحَياةِ الرَّاكِدَهْ ! ومِيْتَـةَ سَيِّـدِ الأَمواتِ في عِزِّ الحَيـاةْ ! (8) ونِصْفُ بُحيرَةٍ يَسعى لنِصْفٍ تائِهٍ بينَ الشِّفاهِ ليَمسَحَ العَطَشَ آلذي يأوي لرَشفَتِنا ، ونَهرٌ ضاقَ ماءً فانتَهى سَيْلاً ليَلعَبَ خارجَ النَّبعِ الذي ناداهُ : إِلعَبْ خارِجَ الماءِ قَليلاً ثُمَّ غادِرْني إِلى بَحرٍ لتَبقى رَحمَ لَهفَتِنا ومِرسالَ العُيونِ الرَّاصِدهْ ! ومِن حَجَرٍ إِلى حَجَرٍ قَفَزتَ لتَتَّـقيْ بَلَلَ المياهِ الرَّاكِدَهْ ! متى تُلـقيْ على إِصرارِكَ المَحسودِ قُبلَـةَ طِفلَـةٍ ، كي تَتَّـقيْ شَرَّ العُيونِ الحاسِدَهْ ؟! وتَعيثَ نارًا في الجَثامينِ القَديمَةِ والرُّفـاتْ ؟! (9) وتُغري بُلبُلاً ليُقيْـمَ دَولتَهُ اللَّذيذَةَ في حُلوقِ الحِبرِ ، كي تَغفـوْ قَليلاً غُربةُ القَـلمِ الرَّصاصيِّ المَذاقْ ! وتذبَحُني على نَغَمٍ حِجازيٍّ يُعانقُ سيفَها لأَنامَ مقتولاً على حَـدِّ العِناقْ ! وتَرسِمُني كخَطٍّ مُستَقيمِ الحُزنِ مِن بَلَديْ إِلى بَلَديْ ، فأَتلو "آيَةَ آلكُرسيْ" وأُدركُ أَنَّ طُبشورًا بَنى بيتًا على نَوميْ ، سأَصحو باكِيًا والدَّمعُ مِمحاتيْ وأَقرأُ سيرَةَ القُرَشِيِّ مَرَّاتٍ وأَطبَعُ قُبلَةً أُخرى على جبَهاتِ مَن قُتِلوا على دينِ العِراقْ ! أَبِنْ إِنْ قُلتَ شارِدَةً تُبايِعْـكَ المَعاني الشَّارِدَهْ ! هُنا أُمِّي وأُمُّـكَ واحِدَهْ ! فَقُـمْ والعَبْ سَليلَ الرِّيشِ خارجَ مائِكَ الغافيْ قَليلاً ، لا تُناديني إليكَ فلَن تَجِدْني غَيرَ قِنديلٍ سيَلْوي ساعِدَ اللَّيلِ الغَبِيِّ إِذا طغا يَومًا ويَكسِرُ ساعِدَهْ ! هُنا أُمِّي وأُمُّـكَ واحِدَهْ ! فهَـل سامَحْتَ مَن شَرِبوا ولُمْـتَ السَّاقِياتْ ؟ (10) وما ذُقتُ يَومًا على المَوتِ والفَقرِ واليُتْـمِ دَمعًا غَزيرًا عَزيزًا بهذا الوَقـارْ ! خجِلتُ كثيرًا لأَنِّي حِصانٌ مِن الحِبرِ يَحشِدُ شِعْرًا كثيرًا كثيرًا لحَربِ التّـَتارْ ! ونـامَ ليَحلُـمَ بالإنتِصارْ !! خجِلتُ كثيرًا لأَنَّ الجِّدارَ تشَظَّى عليكِ ، فتَحْكينَ بَيتًا لهذا الجِّدارْ !! وقلبُكِ ينعَفُ نَبضًا وقمحًا لطَيرِ الدِّيارْ ! وتَبنينَ أَغلى بَقاءٍ يُصَلِّي رغيفًا وطِفلاً بكَفِّ الدَّمارْ ! وكلُّ العَواصِمِ مأوى الخُصاةِ ، وخَيلٌ تقاعَدَ منها الصَّهيلُ فباتَتْ تغُطُّ بنَومِ الفَنارْ ! سأَمضي بمَوتيْ لمَوتيْ سأَمضيْ فعوديْ إِليكِ بكلِّ الجِّهاتْ ! (11) " مَحمودُ " وشْوشَني قَصيدَتَهُ الأَخيرَهْ . ليقولَ بَلِّغْهُم رُقادِيَ خَلفَ ظَهرِ المَجزَرَهْ . وبأَنَّني مُتَبرِّعٌ لمقاتلٍ قَطَعَ الرَّصاصُ حِبالَهُ الصَّوتيَّةَ الأُولى بأَرقى حُنجَرَهْ . وَزِّعْ عليهِم كُلَّ عُضوٍ نابِضٍ في قامَتيْ ، نَثْرًا زَفيرًا أَو قَصيدَهْ ! في مَطْلَعٍ عَينيْ وفي تاليْـهِ قَلبيْ ، مَقْطَعٌ كَبِديْ وزِنديْ جُملَةٌ أُخرى مُفيدَهْ . وبفَقرَةٍ رِئَتيْ ولَهفَةُ صورَةٍ شِعْريَّةٍ كَفٌّ جَديدَهْ . وآنثُرْ على كُلِّ الحُروفِ نِقاطَ ما نَقَّطتُ مِن جُمَلٍ مُثيرَهْ . " مَحمود ُ" وَشوَشَني قصيدَتَهُ الأَخيرَهْ ! ورمَيتُها في الجُّبِّ مثلَ السِّرِّ كي تأويْ لأَغلى الأُغنياتْ ! (12) وخَديجَتي ظَلَّت تُطِلُّ كنظرَةٍ صَقْرِيَّةٍ مِن عَينِ " عَبدِ النَّاصِرِ " ! وكنَشوَةٍ تَتلو تِلاوَةَ مُقْريءٍ ، وكصَوتِ " عَبدِ الباسِطِ " الآتي يَدِفُّ كنَهْدَةٍ مِن قَحْفِ قَحْفِ الخاطِرِ ! وكسَرْجِ ماضٍ غابِرٍ يَرنو لمَجْدٍ غابِرِ ! وخَديجَتي مِثلي أَطَلَّتْ مِن أَعالي رَبوَةٍ خَجلى على القُدسِ الأَسيرَهْ . وكَلَيلَةٍ تَصحو كعادَةِ لَيلَةٍ تُحصيْ عَويلَ الآسِرِ ! وأَنا هُنا ، قَلَمي وأَوراقيْ وبُقجَةُ شاعِرٍ أَثْـقَلتُها بخَياليْ . نظَّارَتيْ ووِسادَتَيَّ وشاليْ . علَّقتُ أَشيائيْ وشُطآنيْ على " حُورِيَّةٍ " أَحبَبتُها ، والبَحرُ سِرُّ دُموعِها والبَرُّ جَهْرُ رُجوعِها ، يَرميْ على أَبدانِها الأُولى حَريرَهْ ! " مَحمودُ " وَشوَشَني قَصيدَتَهُ الأَخيرَهْ ! وخَديجَتي ... دَمُها على شَفَتيْ تلَعثَمْ . فانظُم لها بَيتًا لتأويْ للحياةِ ورَشْفَةً مِن روحِ زَمزَمْ . ذُبِحَتْ شَبابيكُ الشَّفاعَةِ بَعدَها ، مِن أَينَ تَستَرِقُ التَوَسُّلَ مِن " جَزائِرِها " على وَجَعِ الجَّزيرَهْ ؟ يا كُلَّ أَصحابِ الجَّلالَةِ والفَخامَةِ والسَّعادَةِ والسُّمُوِّ تَجَمَّعوا وتَجامَعوا ، هذا البَيانُ الإِختِتامِيُّ النَّحيلُ بِدايَةٌ لنِهايَةٍ ، ستكونُ إِنْ شاءَتْ وِلادَتُنا عَسيرَهْ ! بَتَروا الطَّريقَ فَما تَلَعثَمَتِ الخُطى ، لكنَّها دَمُها على قَلَميْ تَلَعثَمْ ! ووحيدَةً ماتَتْ هناكَ خَديجَتيْ . ووحيدَةً سَجَدَتْ وقامَتْ قامَةٌ . ووحيدَةً صَلَّتْ وصامَتْ قامَةٌ . ووحيدَةً عادَتْ وهامَتْ قامَةٌ . ووحيدَةً كَسَريرَةِ الفُخَّارِ تَنكَسِرُ السَّريرَهْ ! " مَحمودُ " وَشوَشَني قَصيدَتَهُ الأَخيرَهْ !. |
|||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|