قراءة جهاد بدران لقصيدة/الشاعر/ خالد صبر سالم - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: الزمن الأخير (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: رفيف (آخر رد :صبري الصبري)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: أُمْسِيَّات لُصُوصِيَّة ! (آخر رد :محمد داود العونه)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ⚑ ⚐ هنـا الأعـلامُ والظّفَـرُ ⚑ ⚐ > ☼ بيادر فينيقية ☼

☼ بيادر فينيقية ☼ دراسات ..تحليل نقد ..حوارات ..جلسات .. سؤال و إجابة ..على جناح الود

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-04-2020, 12:23 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
جهاد بدران
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل صولجان القصة القصيرة أيار 2018
فائزة بالمركز الثاني
مسابقة الخاطرة 2020
فلسطين

الصورة الرمزية جهاد بدران

افتراضي قراءة جهاد بدران لقصيدة/الشاعر/ خالد صبر سالم

الشاعر...../خالد صبر سالم

دَثــَّرَ الـلـيـْـلَ بـالــنــدى والأرَقْ
ورَفــيـقـــــاهُ حِبْــرُهُ والـورَقْ

طارَ فوقَ السحابِ يغوي شموسـاً
تائهـــاتٍ واحْتـالَ حتـّى سَــــــرَقْ

عَلـّـَمَ البــدْرَ كيــفَ يبـدو جميــلاً ؟
قَبَّلَ اللـونَ في شـِـــفاهِ الشــــفـَقْ

وغيــومٌ تـزورُهُ فــي الليــالـي
إنْ تلاقـتْ فـي مُقـلـَتـَيـْـهِ بَرَقْ

يَحـْمـلُ الزيـتَ ، لـو خبا أيُّ نـَجْمٍ
أمطـرَ الزيـتَ فوقَـــــهُ والألـَـقْ

يُرقِـصُ الـليــلَ بالغنـاء ويُمْسـي
فوقَ عينيـهِ شَـــهْقـةٌ للغَسَــقْ
***
دربُهُ الـوهْـمُ والهـوى مُبتـغـاهُ
وجـنـونٌ يسـْــــري بــهِ والقلـَـقْ

لوَّنَ الصـمْتَ بالـحروف وأعطـى
للـقـوافـي ما خَفَّ لفـظـاً ودَقْ

كـُلـّمـا اسْـــــوَدَّ ليــلـُهُ بهمــوم ٍ
أسْـــرجَ الليـلُ شَــــــيبَـةً فأتلـَقْ

وإذا مـا الخيــالُ ذابَ رقيـقـــاً
صـــاغَ منـــهُ قـلائــــداً وحَلَـقْ
***
وأشـــــاعـوا انّ الكـلامَ لـديـــهِ
مَحْضُ كِـذبٍ جمالـُـــــهُ مُختـَلـَقْ

كـذبـوا… بـلْ حروفـُهُ كعـذارى
زاهــداتٍ ينـطـقـْنَ مِنْ وَحْي حَـقْ

هــوَ والـفـنُّ والـجمـالُ رفـــاقٌ
غاصَ فيــــــهِ الجمالُ والفـنُّ رَقْ

وغريرٌ ما إنْ يرى السِــحْرَ بَحْراً
فـي عيـونٍ إلا مضــى لـلغـــرَقْ

فيــهِ قلـبٌ يتـوقُ للعشـــق لكـنْ
هـوَ يبكي مِنْ خشـــيةٍ إنْ عَشــقْ

وهْوَ(قيسٌ) في عِفـّةٍ حينَ يَهوى
وعفافٌ بَراهُ سَــــوْطـُ الـشــــَـبَقْ

وهْـوَ فـي زهْـــدهِ إمامٌ ولكـنْ
رُبّمـــا ابْـتـَلَّ لـيـلـُــهُ بـالـعَــرَقْ

هــوَ نــورٌ وفيـهِ عـشُّ ظــلامٍ
بلْ ظـلامٌ عافَ الـدُجـى واحتـرَقْ
***
فيــهِ رجْسٌ مِـنَ الشـــياطين لكـنْ
فيـــهِ لـلأنبيـــاء ِ غـارٌ يُشَـــــقْ

مُتعَــبٌ يَجـدفُ الـخيــالَ بحِبـْـرٍ
وشــــــراعــاهُ قـلـْبُـــهُ والأرَقْ

وهــوَ طـَيرٌ مـا بـاعَ يومـاً غنــاءً
حسْــــــبُهُ الروضُ زهْرُهُ والعـَبَقْ

شــــرَفُ الحَرفِ عندَهُ مثلُ وَحْيٍ
مِـنْ اِلـٰهٍ فـالـحرْفُ لا يُـرْتــــزَقْ

مِنْ حروفٍ في(كـُنْ) تـَكوَّن كـَوْنٌ
كيـفَ حَرْفٌ يُبــــــاع ُأو يُختـَرَقْ؟!
***
اِنّهُ الشــاعرُ المُشـَـظّـّى خيــالاً
وغـرامـاً وعِيشُــــــهُ فـي رَهَــقْ

فاقرؤوهُ يَعلـقْ بكـمْ دَفـْقُ عطـْرٍ
واســمعوهُ فالســـحْرُ في ما نطقْ



............................

الشاعر

/دَثــَّرَ الـلـيـْـلَ بـالــنــدى والأرَقْ
ورَفــيـقـــــاهُ حِبْــرُهُ والـورَقْ

طارَ فوقَ السحابِ يغوي شموسـاً
تائهـــاتٍ واحْتـالَ حتـّى سَــــــرَقْ/

من خلال هذين البيتين نستطيع أن نحكم على قوة البنيان في التراكيب البنائية للقصيدة، فكأنهما مفتاح الجمال لها، فمن ناحية يوظف شاعرنا الفعل الماضي/دثّر/ لليل كي يغطيه أو يدفئه من البرد بالندى والأرق، بالرغم من أن الندى يحمل البرودة أيضاً، لكنه للورد والنباتات يعتبر الدفء لهم، وكأن الشاعر يريد تدفئة الليل بما يناسبه من صفات، كي يكون الفعل صفة مناسبة للمفعول به،
ثم الأرق الذي يحمله الشاعر جعله متحركاً مع صفات الليل ومتلاصقاً بفاعليته، فكان من النّدى له معنى الإيجابية في التدفئة، والأرق استرق منه المعنى السلبي، ليكونان في تضاد اجتمعت مع الليل والشاعر، ليكون تعبيراً عن أعماق الشاعر وما يلاقيه من جهد وتعب وهو يحلق بفكره وخياله مع حبره والورق، فوق السحاب فيغوي الشموس بهدف استحضار مكنونات القصيدة، حتى وكأنه شبّهه بالسارق للأفكار من عيون العلوّ في السماء مع الخيال.

/عَلـّـَمَ البــدْرَ كيــفَ يبـدو جميــلاً ؟
قَبَّلَ اللـونَ في شـِـــفاهِ الشــــفـَقْ/

/عَلـّـَمَ البــدْرَ/ما أجملها من صورة مفعمة بالجمال والسحر، إذ هو الشاعر الذي يزركش بكلماته وجه البدر ليكون مكان تدبر وتأمل من خلال ما يوحيه من أحرف على وجهه ليراه الناس بمنظار جميل من فوهة قلم الشاعر ومن زاوية لوحته الإبداعية التي رسمها له بإتقان، وهذا كناية عن قدرة الشاعر في رسم الجمال على وجه كل لوحة يخطها ويلوّنها وفق إحساسه النابض وقلمه الرشيق.../كيــفَ يبـدو جميــلاً ؟***/مع علامة استفهام يعود جوابها للخالق المبدع البديع فيما خلق، وبمعنى أن الناس لا تلتفت لأوجه الجمال في البدر وجماله الساحر لولا أن بثّ الشاعر فيه روح التأمل، ومن خلال حروفه استطاع أن يلفت نظر الناس للبدر لرؤية آيات الإبداع والجمال الذي رسمها رب العزة في كونه وسمائه، ليكون الشاعر أداة تحفيز وتوجيه لمواطن كثيرة يغفل عنها الإنسان..ثم يكمل الشاعر قوله:
/قَبَّلَ اللـونَ في شـِـــفاهِ الشــــفـَقْ/هذه صورة شعرية فنية فاقت حدود الجمال بوصف الشاعر لجمال الشفق وجمال البدر من هذا اللون الساحر في الشفق، وكم هو آية متقنة الرسم والسحر، سبحانه وتعالى أحسن الخالقين...عملية التقبيل تدل على قمة بلوغ الجمال وانتهاء بتقبيل الصورة التي لمسها بحبّ وانسجام وذوبان مع حالة هذا الجمال الرباني...


/وغيــومٌ تـزورُهُ فــي الليــالـي
إنْ تلاقـتْ فـي مُقـلـَتـَيـْـهِ بَرَقْ/

الغيوم تحمل في جعبتها المطر والخير لتروي الأرض والبشر من ظمأ، وهنا أرادها الشاعر كناية عن الأفكار الذي يريد أن يلتقطها بما فيها كناية عن صيد الخاطر، فهي تزوره في الليالي، وليس في الصباح أو النهار، وذلك لما يحمل الليل من الهدوء والسكينة وإتاحة المجال للفكر أن يسبح في الأفكار وكيفية جمعها بكل أريحية دون أن يعيق عليه أحد والناس نيام..
استخدم الشاعر الفعل المضارع/تـزورُهُ/ وليس الفعل/تأتيه/بدقة متناهية،حيث أن الفعل /يزوره/من المصدر زيارة، وهي تأتي كضيف لا يمكث كثيراً عند صاحبه، كالفكرة التي تزور الشاعر سريعاً وتختفي إذا لم يقتنصها ويدوّنها في مخيلته وذاكرته أو على الورق، لذلك اختياره لهذا الفعل كان بمنتهى الذكاء والدقة المهارة..
/إنْ تلاقـتْ فـي مُقـلـَتـَيـْـهِ بَرَقْ/
هذه الجملة ابتدأت بحرف/إنْ/وهو حرف شرط جازم، تبعه الفعل الماضي/تلاقتْ/ وهو جملة الشرط الفعلية التي تجلْت بهذا الفعل الماضي ليكون جواب الشرط هو الفعل الماضي/بَرَقْ/ فالجملة مرهونة ومشروطة في عملية التلاقي للغيوم في الأحداق لتتم عملية البرَق، والتي هي ظاهرة تدل على عملية المخاض للمطر والخير، كناية عن الأفكار التي تتمخّض في فكر الشاعر لتنزل محمّلة بالفكرة الجديدة..ثم /برَق/ فعل ماضي يومئ لنا بالإضاءة وإزاحة عوامل الظلام لتبزغ خلفها السماء بحلّة جميلة، وهذا كناية عن ظهور الفكرة من ذهن الشاعر وكأنه بزغ معها الضياء. ثم جعل الشاعر من الأحداق بالذات مجْمعاً للرؤيا الثاقبة للأشياء لتحديد معالمها وفق زاوية النظر التي تلامس الأشياء حتى تتم عملية الوصف لها بإتقان ودقة، لذلك توظيف هذه الجملة الشرطية كانت محل وصف صورة شعرية مذهلة حلّقت في ذهن المتلقي لجمع قوت الخيال..

/يَحـْمـلُ الزيـتَ ، لـو خبا أيُّ نـَجْمٍ
أمطـرَ الزيـتَ فوقَـــــهُ والألـَـقْ

يُرقِـصُ الـليــلَ بالغنـاء ويُمْسـي
فوقَ عينيـهِ شَـــهْقـةٌ للغَسَــقْ/

الصورة الشعرية هنا وما حملت من جمال وأوصاف، جعلتنا نلهث وراء اللفظة لاستخراج ما حملته رسومات تعود لخيال الشاعر الخصب..
استعمل الشاعر/الزيت/ كوقود للنجوم كي تدرّ عليه الأفكار البكر كلما خفت نورها، كي تبقى محل إضاءة لألق الحروف، حتى يُراقص بها الليل من جمالها، وحتى يكتمل اختمارها لتشهق عنها بالغسق وهو أول ظلمة الليل بعد الغروب،وكأنه يريد شهقة أخيرة للظلام كي تضيء الليل بأفكاره الجديدة..

/دربُهُ الـوهْـمُ والهـوى مُبتـغـاهُ
وجـنـونٌ يسـْــــري بــهِ والقلـَـقْ

لوَّنَ الصـمْتَ بالـحروف وأعطـى
للـقـوافـي ما خَفَّ لفـظـاً ودَقْ

كـُلـّمـا اسْـــــوَدَّ ليــلـُهُ بهمــوم ٍ
أسْـــرجَ الليـلُ شَــــــيبَـةً فأتلـَقْ

وإذا مـا الخيــالُ ذابَ رقيـقـــاً
صـــاغَ منـــهُ قـلائــــداً وحَلَـقْ/

هنا وصف حالة الشاعر وقدرته على تحديد ملامح كل شيء بحرفه وأبعاد خياله وأفكاره، وكيف يستطيع أن يحوّل الليل لنور من سراج هو فاعله نتيجة فرز الهموم عن طريق القلم والشعر، ثم يصفه دائم الهموم والقلق، من كل ما يحيطه من أحداث وأزمات، لينقلها عبر أثير حرفه، فالشاعر يملك مشاعر الخلق وهمومهم وقضاياهم، لذلك يبقى في حالة شعورية دائمة القلق، يحلّق عبر خياله لأبعد مدى حتى ينسج من الآفاق ما يبقي قلمه حياً بفرز قوافيه من جمال السبك وبناء الحرف..

/وأشـــــاعـوا انّ الكـلامَ لـديـــهِ
مَحْضُ كِـذبٍ جمالـُـــــهُ مُختـَلـَقْ

كـذبـوا… بـلْ حروفـُهُ كعـذارى
زاهــداتٍ ينـطـقـْنَ مِنْ وَحْي حَـقْ

هــوَ والـفـنُّ والـجمـالُ رفـــاقٌ
غاصَ فيــــــهِ الجمالُ والفـنُّ رَقْ

وغريرٌ ما إنْ يرى السِــحْرَ بَحْراً
فـي عيـونٍ إلا مضــى لـلغـــرَقْ/

يصف هنا حالة الشاعر وهو يتعرّض لما يشيعون عنه أنه كلامه وجمال ما ينسجه هو محض كذب واختلاق، ليدافع عنه الشاعر بنفي هذه الاختلاقات، ليبرز محاسنه بأوصاف العذارى لحروفه، ونطقه الحق، بل يقدم للأدب الفن والجمال..
الشاعر هنا استعمل الصور البارعة والتشابيه/ كعذارى/ كي يضفي القوة على ألفاظه، وتكرمه بموقعه من البلاغة والبراعة في القول والفصاحة، وحذقه بصناعتها ما جمعت بين السهولة والرصانة مع السلاسة، وبين العذوبة والجزالة.. مما يفتح المجال للخيال أن ينسجم مع فكره العميق ضمن الدلالات المختلفة التي تقبع بين أوصاف الشاعر ومهامه العظيمة في نقل الصورة الحية من الواقع عبر قلمه البليغ وتجسيده المتقن لما يصادفه من حقائق أو ما ينسجه الخيال من تأويلات رؤيا تكون صيداً نفيساً يدلي بها بفكره الخصب..
في هذه الأبيات نلاحظ ارتفاع نسبة الإقاعات الموسيقية والنبرة في النغمة على شكل لحن جميل، وهو يرسم التكرار لبعض الكلمات كتكرار كلمة/جمال/ ثلاث مرات، وكلمة/ الفنّ/ مرتين..

/فيــهِ قلـبٌ يتـوقُ للعشـــق لكـنْ
هـوَ يبكي مِنْ خشـــيةٍ إنْ عَشــقْ

وهْوَ(قيسٌ) في عِفـّةٍ حينَ يَهوى
وعفافٌ بَراهُ سَــــوْطـُ الـشــــَـبَقْ/

يظهر الشاعر أوصاف الشاعر الحقيقي في مسألة عشقه وحبه، فهو يظهر أن الشاعر له قلب يحب ويعشق ولكنه يخاف من ذلك العشق أن يودي به لما لا يحمد عقباه فينسلخ عن درجات النقاء والطهر، وخوفاً من حرفه إن وقع في الذنوب، فالشاعر كما وصفه في حبه عفة وعفاف بعيداً عن الشهوات التي تلطخ نقاءه وطهره..فالشاعر أبعد من ذلك لأنه يحمل الحب العذري كقيس في حبه العفيف للقلب لا للشهوة..
ثم يصوّر لنا صورة الشاعر ويجسدها بأوصاف دقيقة تزيد من عمق التأمل والتدبر. إذ يقول:

/وهْـوَ فـي زهْـــدهِ إمامٌ ولكـنْ
رُبّمـــا ابْـتـَلَّ لـيـلـُــهُ بـالـعَــرَقْ/

هنا يرسم شاعرنا صورة الشاعر في زهده وتبتّله بتصويره كالإمام والرجل العالم الجامع للخير ‏، وكقائد للشعراء، بسبب ما يجمع من درر الكلام والبلاغة وجمال الألفاظ وقوة بناء التراكيب، لكنه يضيف له، أن ليله يبتل بالعرق من كثرة الجهد المضاعف في اعتصار خياله وفكره للحصول على لوحة بارعة الجمال، وكأنه يقول لنا أن الليل هو مفتاح الإلهام لحروفه وقصائده، من خلال ما يتدفق من الليل من سكينة وهدوء تسمح للخيال وللأفكار العبور في مخيلته بطريقة صافية لا يعكرها شيء من إزعاج أو ضوضاء.. لذلك الشاعر وضع للشاعر صورة بهية ينسجم مع قدرة الشاعر على الإتيان بكل صور الإبداع..

/نــورٌ وفيـهِ عـشُّ ظــلامٍ
بلْ ظـلامٌ عافَ الـدُجـى واحتـرَقْ/

هنا تتجلى عناصر السحر والبراعة في صورة الظلام الذي يرقد عشه في منازل النور، وقد عاف واحترق الدجى فيه من كثرة وشدة ضوء ذلك النور الذي كان سبباً في هذا الاحتراق، والنور هو تلك الصورة المضيئة التي وضعها الشاعر لأوصاف الشاعر، وكأنه المرآة النقية التي تعكس الذات الحقيقية للشاعر الحقيقي وليس الذين يتطفلون على الشعر ويصعدون على الأدب بلا جذور وأساس حقيقي للشعر..

/فيــهِ رجْسٌ مِـنَ الشـــياطين لكـنْ
فيـــهِ لـلأنبيـــاء ِ غـارٌ يُشَـــــقْ/

الشاعر هنا يضعنا بين صورتين متناقضتين للشاعر، من ناحية يصفه
/نــورٌ وفيـهِ عـشُّ ظــلامٍ/ ومن ناحية أخرى يصفه/فيــهِ رجْسٌ مِـنَ الشـــياطين/ وهذا يعزز صورة الإنسان الذي خلق فيه نزعة الخير ونزعة الشر، ولا يخلو إنسان من وسوسة الشياطين له، ليغويه لطريق الضلال، وهنا تأتي درجة الإيمان وقوة الإرادة في التحكم بأنياب الذات التي تميل لعمل الشيطان، درجة القوة تكمن بقوة الإيمان، والتي يصدر حينها النور الذي يوقد في طريقه نحو الأمان والحق..بينما إذا اشتدت عليه وساوس الشياطين فإنها تغويه ليخرج عن دائرة الإيمان، ويصل للكفر خين ينسج حروفه بالألوهية وكأنه أصبح إله الحرف لا يغلبه أحد، لتكبر فيه خصال الكبَر والتكبر والتجبر فلا يرى أحد بمنزلته، وهذه الخصال تؤدي لمنازل الكفر البغيض، فالشاعر يقصد أن كل إنسان معرّض لغواية الشياطين، إلا أن الشاعر الحقيقي يسلم من هذه الحالة، بقوله:
/لكـنْ
فيـــهِ لـلأنبيـــاء ِ غـارٌ يُشَـــــقْ/
هذا التناص من القرآن وسيرة رسول الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، الذي يأخذنا لغار ثور وغار حراء، غار ثور، تذكرنا بالهجرة بدين الله خوفاً من الكفار من القتل، انطلاقاً من غار حراء التي هي اتصال السماء بالأرض عن طريق الوحي لتعليم رسول الله رسالة السماء وبثّها للبشرية جمعاء..وانتهاء بغار ثور، فللغار معالم توحي بالكثير من الدلالات التي من خلالها تغيّرت معالم الأرض من الظلام إلى النور بدين الله سبحانه وتعالى..
الشاعر أراد ن يلفت انتباهنا لقدرات الشاعر في تحريك عصب الأمة من خلال شعره وكلمة الحق في وجه الباطل والتوجيه نحو القلم لبثّ الدعوة لله وعدم الصمت بل بالجهر بكلمة الحق أمام سلطان جائر.. وطبعاً ندرك قوة القلم حين يقف أمام لسان الظلم ليفتك به..وهو يعلم يقيناً بأنّ قوة قلمه ستودي بحياته بسبب نطقه بنور الله..كما حصل مع المئات من العلماء ومنهم الشعراء الحقيقيين..
لذلك الشاعر قال:/غـارٌيُشَـــــقْ/وهو يوحي لانطلاقة الشاعر، وهو يقبع في الغار تأملاً ورهبانية، للكلمة الحقة والثورة على الباطل وأهله...

/مُتعَــبٌ يَجـدفُ الـخيــالَ بحِبـْـرٍ
وشــــــراعــاهُ قـلـْبُـــهُ والأرَقْ/

ما أبلغ هذه الصورة التي جاءن تواكب المراحل التي يخوضها الشاعر قبل ولادة القصيدة، ما بين تكوين نواة الحرف حتى تمتد لبناء الكلمة لتنتهي في زفاف القصيدة، مراحل متعبة جداً تحتاج الوقت الشاق، فالشاعر هنا يصف المشقة التي يتعرض لها الشاعر في محض ولادة القصيدة، الأوصاف التي يرسمها هنا تبدأ من الخيال وهو يسبح في نهر الحبر أو بحره، ثم يستعمل الفعل المضارع/يجدّف/ وهذا الفعل يواكب ويلائم عملية تحريك الحروف للوصول لبر الأمان على شاطئ القصيدة، فالتجديف وصف بليغ كي نحرك فيه ثمار الكلمات وما نتلقاه من الجهد فيه للوصول لعملية حصاد القصيدة، لأن الخيال يحتاج للجهد العظيم باستخراج مكنون سحره والعلو في قمته ولملمة الكلمات واجتماعها كمنظومة إبداعية عن طريقها نحرك ذائقة المتلقي، والخيال يحتاج من الشاعر الجهر للسبح في بحور اللغة لاستخراج كنوزها على هيئة لوحة شعرية متدفقة الجمال.. والأبلغ من هذا التوظيف ما زاد عليه في عملية التجديف شراعاه:
/وشــــــراعــاهُ قـلـْبُـــهُ والأرَقْ/
فالقلب وهو منبع الأحاسيس، والأرق شراعه الثاني، به يبقى الشاعر يتخبط في استجماع حروفه حتى تستقر بكامل قواها كقصيدة تحرك مواطن الإحساس في القلب، فالقلب شراع مهم جدا في تحريك عصب المتلقي، بدونه لا نبض لقصيدة ولا تفاعل من القارئ، فالمشاعر هي المحرك الرئيسي للقصيدة، وإلا تفقد روحها وحلاوتها...

/وهــوَ طـَيرٌ مـا بـاعَ يومـاً غنــاءً
حسْــــــبُهُ الروضُ زهْرُهُ والعـَبَقْ

شــــرَفُ الحَرفِ عندَهُ مثلُ وَحْيٍ
مِـنْ اِلـٰهٍ فـالـحرْفُ لا يُـرْتــــزَقْ/

الصورة هنا تتبع ما قبلها من قوة البناء وحسن التراكيب التي تجمع ما بين الحرف والمحتوى بدقة متناهية.
وصف شاعرنا الشاعر بالطير، ولم يصفه بالنسر أو الصقر، بل جعل من الشاعر إنساناً رقيقاً بمشاعره وقلبه كصفة الطيور برقتها وجمال براءتها، وحيث لا تعرف الحقد والضغينة، فالشاعر روحه حساسة جداً وقلبه يتراقص نقاء وعفة وصفاء، وهذا الوصف تشبيه لخصال الطير الرقيق، ثم يعرض لنا صفات هذا الطير والذي يشبهه بالشاعر/ ما باع يوماً غناء/ بمعنى أن الطير لا يتاجر بصوته، بل يغني بلا مقابل على السليقة والبراءة، والشاعر أيضاً لا ينظم حرفه للتجارة بالبيع والشراء، بغض النظر على وجود من يبيعون حروفهم للغير من أجل المال وغيره..
/حسْــــــبُهُ الروضُ زهْرُهُ والعـَبَقْ/
من نقائه وشفافيته أنه يكتفي بالبستان الذي يقف فيه إو يعيش وسطه بين زهوره وعبقه، وهذا يدل على القناعة والرضا بما هو فيه دون تملق أو ضيق..
والشاعر يعيش بالقناعة والرضى تحت سقف الحمد والشكر..حيث لا يشتري الحرف الذي لا يرتزق، وهذا هو قمة الشرف في تلقّيه الإلهام والوحي بعون الله ومشيئته..

/مِنْ حروفٍ في(كـُنْ) تـَكوَّن كـَوْنٌ
كيـفَ حَرْفٌ يُبــــــاعُ أو يُختـَرَقْ؟!/

هذا البيت لوحده يجعلنا نقف أمام حروفه تأملاً وتدبراً، وقد نقلنا الشاعر من خلاله نحو خالق الكون والتدبر فيما خلق، وكيف بقدرته العظيمة إذا قال للشيء كن فيكن، وكيف عظمته هذه لا تخضع له البشر أو تلين في قلوبهم المخافة والخشية من عقابه، ولا تدخل القسوة للقلب إلا بالمعاصي والذنوب والفساد، وهنا ربطها الشاعر بمن يبيع حروف غيره بعد أن ينسبها له أو يخترق مملكة غيره من القصائد ليتاجر بها لحسابه..فالشاعر يضع علامة التعجب والاستفهام، كدليل لاستغرابه ممن يسرقون حروف غيرهم ليتسللوا لمناصب أدبية..

/اِنّهُ الشــاعرُ المُشـَـظّـّى خيــالاً
وغـرامـاً وعِيشُــــــهُ فـي رَهَــقْ

فاقرؤوهُ يَعلـقْ بكـمْ دَفـْقُ عطـْرٍ
واســمعوهُ فالســـحْرُ في ما نطقْ/

ينهي الشاعر لوحته الفنية كملخّص لصفات الشاعر وما يحمل من خيال مذهل يشوبه الأرق كلما نوى استحضار القصيدة من أفق خياله، فهو ينصح بالقراءة والاستماع لهذا الشاعر وما ينثر من عطر حرفه ليعلق على ألسنة قرائه من هذا العبق الفاتن. كناية عن جمال وعظمة الرسالة الأدبية التي ينقلها الشاعر عبر الأجيال بالتواصل عبر الأقلام.. رسالة الشاعر عظيمة، حين يوظفها في دروب الحق والصدق والنقاء، فيكون بحرفه أعظم من القنابل والأسلحة، لأن الكلمة الحقة الصادقة الهادفة، تؤثر في النفوس وتهذبها وتصقل الأرواح بما تستقيم بها الأعمال.
كانت خاتمة القصيدة فنية بارعة تدل على حرفية كاتبها وقوة قلمه..

الشاعر في هذه القصيدة حلّق بالمتلقي عند سدرة الجمال وقمة الإبداع..
فالقصيدة ممتلئة بالصور الشعرية التي وظيفتها في إيصال المعنى بطرق عدة، كالرمز والإيحاء، كتعبير عن عواطفه وأفكاره وفكره المتقد، بهدف تجميل الشعر بالرقة والصدق والجمال، فهي تعد عنصراً من عناصر الإبداع الشعري، ثم فيها من الجماليات، من بلاغة وقوة بناء وفصاحة، ولديه القدرة في التلاعب بالجمل والمفردات بأسلوب متفرد ليوفّر للمتلقي الدهشة، خاصة ما خلق من تنغيم موسيقي كان عبْر التكرارات..
هذه التكرارات المتعددة إنما جاءت لتحيي الموسيقى الشعريّة، داخل القصيدة وتبعث الجمال بين السطور، فتدخل إلى نفوسنا ما فيه من حلاوة جَرْس الألفاظ وانسجام في توالي مقاطع الكلام على مسافات زمنية وفق نظام ونسق معين، تحركها تلك التردّدات في القوافي وتكرارها وتكرار الكلمات التي تُكسب النص إيقاعاً محبّباً ذا أثر عظيم في النفس، لتنفعل معه القلوب.
فالموسيقى الشعريّة عنصر بالغ الأهمّيّة، يكتمل جمالها عندما تقترن بالأفكار وحسن الألفاظ وتأجُّج العواطف والتجلّي بقدرة الخيال، وتطويعها وفق معاني عميقة، لتكسب القصيدة درجة عالية من الكمال ومواطن الجمال. فالوزن والموسيقى ليسا كافييْن، دون المعنى الواضح الذي يساهم على الإصغاء والاستمتاع والتأثّر.

يستخدم الشاعر في القصيدة، التكرار للضمير الغائب/هو/فقد ذكره ستة مرات..وكذلك ذكر الليل ستة مرات/ الليل، الليالي، الليل، ليله، الليل، ليله/
ثم كان للتكرار من جمالية في الألحان من خلال تكرار لحرف السين الرقيق عذب النطق واللحن، فقد تكرر 14 مرة، وحرف الشين 18 مرة، وحرف القاف 49 مرة، وأما حرف الراء 50 مرة.
هذه التكرارات كانت عملية مساهمة في توزيع موسيقي داخل القصيدة، مما رفع من منزلتها ومكانتها، خاصة مع تدفق المعاني البليغة التي احتوتها القصيدة، وقدرة الشاعر في بناء متقن وتنسيق فني رائع للتراكيب الإبداعية، مما زادها قوة وجمالاً، لإكسابها إيقاعاً محبباً جميلاً بموسيقى عذبة مؤثرة بنغماتها تنساب مع أحاسيس الشاعر وانفعالاته..
إنّ تنوّع التكرارات في القصيدة، تفسح المجال لتنوّع النغمة الموسيقية للكلمة أو الجملة الواحدة، لتكشف لنا الحالة النفسية للشاعر وتجربته الشعورية بما تحمله من انفعالات وحس داخلي يترجمه الحس الخارجي وفق الأفكار التي تختلج في نفس الشاعر.
إنّ عملية التكرار لأي حرف، له دلالاته في فهم نفسية الشاعر، ومنها لها وقع شديد مثل حرف القاف، وهو حرف حلقي قوي يناسب موقف القوة الذي أكسب الأبيات موسيقى صاخبة قوية تتناسب مع غضب الشاعر لمن يتسلل ويخطف قصائد غيره لنيل الشهرة والمال. بالمقابل من حرف القاف الحلقي الشديد، يكرر الشاعر حرف الراء الرقيق، بنفس عدد التكرارات تقريباً، ثم حرف السين الرقيق وكأنه بين حالة مدّ وجزر، في معاني الكلمات وما يشعر به الشاعر من عواطف مختلفة، كلٌّ حسب موقعه في النفس الذاتية للشاعر مما أضاف ذلك إيقاعات داخلية عزفت الرقة والعذوبة في مجرى حلق القصيدة.
فالقصيدة بأكملها عبارة عن مقطوعة موسيقيّة عذبة الأنغام ومتدفقة الألحان، حيث بناها الشاعر على رويِّ القاف الساكن الشديد، ثم أكثر استعماله في سائر الكلمات في القصيدة، ربما ليكون تعبيراً شديد اللهجة لما لاقاه من الشعراء المتسللين بغير وجه حق بين الشعراء الأحرار، حتى أصبح حرف القاف مهيمناً على سائر الأبيات تقريباً،حتى أنعم علينا بقيمته الصوتيّة وأنغامه المؤثرة.

الشاعر الكبير المبدع المحترف
أ.خالد صبر سالم
كل الجمال ومتعة التذوق من خلال تدفق السحر من بين أنامل قصيدتكم الراقية، فقد أضأتم الأدب والشعر بحروفكم الراقية وعبقها التي تناسلت رقياً وجمالاً...
بورك بقلمكم وما نثرتم من بلاغة في سماء الأدب..
وفقكم الله ورعاكم وزادكم نوراً وعلماً وخيراً كثيراً
.
.
.
.
.
جهاد بدران
فلسطينية






  رد مع اقتباس
/
قديم 11-04-2020, 08:28 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
زحل بن شمسين
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل أوسمة الاكاديمية للابداع والعطاء
العراق
افتراضي رد: قراءة جهاد بدران لقصيدة/الشاعر/ خالد صبر سالم

يا ست جهاد
الشاعر اغتال قصيدته بالسكون للقافية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بورك جهدك
البابلي يقرؤكم السلام






  رد مع اقتباس
/
قديم 19-04-2020, 11:05 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
خالد صبر سالم
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء

الصورة الرمزية خالد صبر سالم

افتراضي رد: قراءة جهاد بدران لقصيدة/الشاعر/ خالد صبر سالم

سيدتي شاعرتنا المبدعة والناقدة البارعة
ماذا وكيف عساني أن أرد عليك وانت اغرقتني في بحر من العبير ولم أعد اتنفس الا كلماتك التي فيها اوكسجين السحر وانفاس الدهشة؟!
حقا انني الآن اصعد على ارجوحة اشعر من خلالها انني طفل ملك كل لعب العالم الجميلة بل اشعر انني احلق الى مجرات خرافية فاكتشف عوالم الجمال وايقونات السحر.
سيدتي الغالية
لا أقول لك شكرا لأنني تحوّلت بكاملي الى سحائب شكر تمطر عليك امطار محبتها
دمت والعائلة الكريمة بكل الصحة والخير العميم ولشعبنا العربي الفلسطيني كل امنيات النصر على عدونا الصهيوني العنصري
انحناءة احترام واعتزاز ومحبة امام قامتك الثقافية الباسقة






  رد مع اقتباس
/
قديم 23-07-2021, 04:02 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
عمر مصلح
عضو أكاديميّة الفينيق
افتراضي رد: قراءة جهاد بدران لقصيدة/الشاعر/ خالد صبر سالم

تربك خطواتي هذه الجهاد حين أجوب أسواق المعرفة بغية التبضع من دكاكين الجمال، فكلما حاولت الإبتعاد نهرني فضولي، وأعادني إلى دكانها المكتظ بالنصوص المغرية.
ولكونها تعرف قيمة مالديها فهي لا تبيع إلا لمقتنيي النفائس.. الأثرياء وعياً.
وكلما حاولت تفضيل قراءة عن أخرى.. أجدني مغفلاً، كون معروضاتها الباقيات زاهيات أيضاً.
وها أنا أقف على هذه البضاعة الباذخة الجمال، هي علاج لتطهير الذات من الترَّهات، من منتجات كيميائي العاطفة.. طيِّب السمعة الأستاذ خالد صبر سالم، والنشرة الطبية لهذه الوصفة مخطوطة متحفية خطتها صاحبة الدكان، برأي سديد.
تحسستُ جيوبي، لأعرف ما أملك من وقت، فأصبت بالإحباط.
كيف وأنا أشكو من ضيق قدرتي الزمنية الشرائية، وأي بضاعة تستنزف من قدرتي الشرائية ساعات.
وبعد معادلة بسيطة وجدتني بحاجة إلى عمر إضافي، وهذا غير ممكن قطعاً فيزيقياً، لذا (فَرِّيتها بدماغي) وقررت سرقة الدكان ومن فيه، ولتكن
(فضيحة وعليها شهود وأولهم الشعراء).

للأستاذ الشاعر الراقي خالد صبر سالم كل المحبة والإعجاب والتقدير.
للأستاذة الناقدة المهمة جهاد بدران الإعتذار و (معوضين انشالله).

عمر مصلح - لص غير محترف.
بدلالة إلقاء القبض عليه من قبل قوات حفظ الأمن الثقافي، بعد قراءتهم لهذه اللائحة مباشرة.

معذرة أستاذة جهاد الفاضلة عن تداخلي بطريقة متحررة عن الرسميات نوعاما.






  رد مع اقتباس
/
قديم 25-07-2021, 12:49 AM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
جهاد بدران
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل صولجان القصة القصيرة أيار 2018
فائزة بالمركز الثاني
مسابقة الخاطرة 2020
فلسطين

الصورة الرمزية جهاد بدران

افتراضي رد: قراءة جهاد بدران لقصيدة/الشاعر/ خالد صبر سالم

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زحل بن شمسين مشاهدة المشاركة
يا ست جهاد
الشاعر اغتال قصيدته بالسكون للقافية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بورك جهدك
البابلي يقرؤكم السلام
وعليكم السلام ورحمة الله
أهلا أهلا بالبابلي المبجل
أ.زحل بن شمسين
أنرتم القراءة بتوقيعكم الفاخر وحضوركم النفيس
أستاذنا الكبير البابلي
حينما تعتلي القافية حرف الرويّ الساكن ، يكون هذا مؤشر وجود دلالات لها خاصية تمثله وما يحمل من معاني تكون مؤشر تخدم مشاعر ونفسية الشاعر..
..

البابلي الفاضل
ابنة فلسطين تطرح عليكم السلام من أرض الرباط وهي تسأل عنكم السلام والعافية والصحة التامة
دعاءنا لكم من أرض الإسراء والمعراج..
شكرًا لهذا الهطول الراقي الذي أضاء شرفات القراءة بحضوركم المبارك
وفقكم الله ورعاكم ورضي عنكم وأرضاكم






  رد مع اقتباس
/
قديم 25-07-2021, 01:00 AM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
جهاد بدران
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل صولجان القصة القصيرة أيار 2018
فائزة بالمركز الثاني
مسابقة الخاطرة 2020
فلسطين

الصورة الرمزية جهاد بدران

افتراضي رد: قراءة جهاد بدران لقصيدة/الشاعر/ خالد صبر سالم

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد صبر سالم مشاهدة المشاركة
سيدتي شاعرتنا المبدعة والناقدة البارعة
ماذا وكيف عساني أن أرد عليك وانت اغرقتني في بحر من العبير ولم أعد اتنفس الا كلماتك التي فيها اوكسجين السحر وانفاس الدهشة؟!
حقا انني الآن اصعد على ارجوحة اشعر من خلالها انني طفل ملك كل لعب العالم الجميلة بل اشعر انني احلق الى مجرات خرافية فاكتشف عوالم الجمال وايقونات السحر.
سيدتي الغالية
لا أقول لك شكرا لأنني تحوّلت بكاملي الى سحائب شكر تمطر عليك امطار محبتها
دمت والعائلة الكريمة بكل الصحة والخير العميم ولشعبنا العربي الفلسطيني كل امنيات النصر على عدونا الصهيوني العنصري
انحناءة احترام واعتزاز ومحبة امام قامتك الثقافية الباسقة
وماذا عساني أقول في حضرة شاعر كبير عظيم القامة بارع الحرف ينسج حروفه من درر المداد النقي شاعرنا الكبير
أ.خالد صبر سالم
فهل يمنح الشكر منازل الكبار حين يتوضأ بماء الشعر الراقي المذهل..؟؟
هل باقات الشكر تفي حق نخيل العراق بأهله الكرام، هل نقف للاعتزاز بأهل العراق وهم يفدون فلسطين بأرواحهم الغالية، فكيف الثناء والشكر يفيان حق شاعر العراق العظيم وهو ينسج للجمال لوحات بألوان قزحية بارعة النظم تحمل نفحات الشاعر الذي يبحث عن ظله..
فلا يسعني وأنا أقف أمام واجهة هذا الثناء إلا التبجيل والتحايا العطرة التي تليق بهذا المقام وهذه القامة النادرة..
شكرًا لأنكم كنتم سبيلًا للقراءة والتوغل في عمق بين أروقة قصيدتكم المختلفة المتفردة..
تحية عطرة من عهل فلسطين لأهل العراق الشامخ شموخ الجبال، لا ينحني أمام أي عدو و طاغية..
جزاكم الله كل الخير على شهادتكم التي إعتبرها وسام شرف على صدر قلمي..
رعاكم الله وزادكم نورًا وعلمًا وخيرًا كثيرًا






  رد مع اقتباس
/
قديم 25-07-2021, 01:08 AM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
جهاد بدران
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل صولجان القصة القصيرة أيار 2018
فائزة بالمركز الثاني
مسابقة الخاطرة 2020
فلسطين

الصورة الرمزية جهاد بدران

افتراضي رد: قراءة جهاد بدران لقصيدة/الشاعر/ خالد صبر سالم

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جمال عمران مشاهدة المشاركة
رائع ماقرأت هنا..
عندما تأت الكلمات من الأديبة الناقدة الراقية جهاد بدران.. فنحن بصدد وجبة أدبية شديدة الدسم.. وبصدد نقد ثقيل العيار.. وهكذا هو حضور الكبار.
مودتي
وما هذا الحضور من شاعر الغلابة الأستاذ الكبير الراقي المبدع
أ.جمال عمران
إلا محض جلال وشروق حيث يشرق بحرفه أينما تواجد، ليمنح النصوص عبق الحروف وجمال الثناء، بخبرته التي تقرأ الكلمات بعين متزنة تعطي الضوء الأخضر للعبور نحو الجمال والسحر..
زعيم الغلابة، حضرتم وحضرت قوافل الزهور لتنثر الرياحين بين مسافات كل حرف وحرف، ليكون تاريخا يمجد الكبار ويرفع القامات الأدبية منازل فخمة،،
شكرا لكم ولهذا التتويج الذي أضاف للقراءة وسام اعتزاز وافتخار
بوركتم وحضوركم الذي أضاء ضفاف الكلمات..
وفقكم الله ورعاكم.






  رد مع اقتباس
/
قديم 25-07-2021, 01:11 AM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
جهاد بدران
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل صولجان القصة القصيرة أيار 2018
فائزة بالمركز الثاني
مسابقة الخاطرة 2020
فلسطين

الصورة الرمزية جهاد بدران

افتراضي رد: قراءة جهاد بدران لقصيدة/الشاعر/ خالد صبر سالم

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر مصلح مشاهدة المشاركة
تربك خطواتي هذه الجهاد حين أجوب أسواق المعرفة بغية التبضع من دكاكين الجمال، فكلما حاولت الإبتعاد نهرني فضولي، وأعادني إلى دكانها المكتظ بالنصوص المغرية.
ولكونها تعرف قيمة مالديها فهي لا تبيع إلا لمقتنيي النفائس.. الأثرياء وعياً.
وكلما حاولت تفضيل قراءة عن أخرى.. أجدني مغفلاً، كون معروضاتها الباقيات زاهيات أيضاً.
وها أنا أقف على هذه البضاعة الباذخة الجمال، هي علاج لتطهير الذات من الترَّهات، من منتجات كيميائي العاطفة.. طيِّب السمعة الأستاذ خالد صبر سالم، والنشرة الطبية لهذه الوصفة مخطوطة متحفية خطتها صاحبة الدكان، برأي سديد.
تحسستُ جيوبي، لأعرف ما أملك من وقت، فأصبت بالإحباط.
كيف وأنا أشكو من ضيق قدرتي الزمنية الشرائية، وأي بضاعة تستنزف من قدرتي الشرائية ساعات.
وبعد معادلة بسيطة وجدتني بحاجة إلى عمر إضافي، وهذا غير ممكن قطعاً فيزيقياً، لذا (فَرِّيتها بدماغي) وقررت سرقة الدكان ومن فيه، ولتكن
(فضيحة وعليها شهود وأولهم الشعراء).

للأستاذ الشاعر الراقي خالد صبر سالم كل المحبة والإعجاب والتقدير.
للأستاذة الناقدة المهمة جهاد بدران الإعتذار و (معوضين انشالله).

عمر مصلح - لص غير محترف.
بدلالة إلقاء القبض عليه من قبل قوات حفظ الأمن الثقافي، بعد قراءتهم لهذه اللائحة مباشرة.

معذرة أستاذة جهاد الفاضلة عن تداخلي بطريقة متحررة عن الرسميات نوعاما.
هذه هي المرة الأولى التي أقرأ فيها ردًا بارعًا في توصيل معالم الثناء بأسلوب مختلف ومتفرد، جاء على موكبته النقدية التي تتهادى بعلوّها وشموخها وهي في مسارات إبداعية تشرق من حيث الشمس تستريح ليكمل الضياء بعد المغيب..
الناقد العظيم والفنان المحترف والأديب الفذ أستاذنا الراقي
أ.عمر مصلح المبجل
من دواعي سرور أي كاتب أو شاعر أو أديب، أن يربت على كتف نصّه عملاقًا للفكر وفيلسوفًا في كل المحاور، وأديبًا له قامة مرموقة على مستوى الأدب والفكر ، ليكون له بصمة جمالية ووشمًا مكتنز الخلود يفيض من مداده ليكون وسام شرف على جبين الحرف..
فكان من الذهول أن نجد تعليقًا نادرًا يحمل أسلوبًا مباغتًا يعبّر عن إعجابه الكبير بالقراءات التي يتواضع فيها قلمي...وينثر من براعة قلمه ردًا يأتي على كل الجمال بصفعة لبقة تمثّل فنونه وقدراته في تحويل قبلة الحرف بأسلوب جديد مثير، فكانت بضاعته أثمن وأغلى وأغنى، من أية بضاعة أخرى نقتنيها من دكاكين الأدب المختلف..
فكان من هذا الطرح المميز ما ألجم لسان الشكر عن الإتيان بموائد الثناء، وأسكته عن النطق بما يليق بجنابة ناقد صاحب القامة العالية الرفيعة، مع أن شهود البدران في السماء تشهد بسموه ومنزلته في كل أين..
وها أنا أقف بعجزي الكامل، وخجلي المتدفق، نحو قبلة حرفكم*** وبصمت منقطع ينحني القلم شكرًا وتقديرًا وعرفانًا على ردٍّ أبيتم أن يكون ردًا عاديًا متسلسلًا لعبارات الثناء والمديح، حتى غلبت عليكم صفة التفرد والبراعة والتفنن في استحضار ردٍ يليق بصاحبة القراءة، وهذا وربي قد زادني إعجابًا بطريقتكم المحترفة في رسم حدود الجمال والتألق...
ثم أن يكون هذا الجمال والتفرد من ناقد كبير عظيم كأنتم، لحرفي الذي يعوم في مدرسة نقدكم ويتتلمذ بين صفوف نقدكم البارع، لهو سدرة الثناء ومبلغ التشجيع، وهو يغرف النور من أفق السماء وفوهة النقاء..
أستاذي الكبير الراقي الناقد الذي يشهد له الكبار بواسع ثقافته وفلسفته وفكره العميق
أ.عمر مصلح
أقف أمام واجهة ردكم هذا وأنا أحاول لملمة خجلي من تقديركم وثنائكم الذي أشرقت معالمه المكان..
دمتم ودام عبق قلمكم يزيّن سماوات الأدب بكل اتجاهاته وطرقه المختلفة..
بورك بكم وبما فاض من عبق نقدكم وثنائكم، ووفقكم الله لما يحبه ويرضاه
شكرًا لأنكم منحتم القراءة وسام شرف ووشم خلود للحرف..






  رد مع اقتباس
/
قديم 28-07-2021, 11:16 PM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
أحلام المصري
الإدارة العليا
شجرة الدرّ
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
عضوة تجمع أدباء الرسالة
تحمل صولجان الومضة الحكائية 2013
تحمل أوسمة الاكاديمية للابداع والعطاء
مصر

الصورة الرمزية أحلام المصري

افتراضي رد: قراءة جهاد بدران لقصيدة/الشاعر/ خالد صبر سالم

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جهاد بدران مشاهدة المشاركة
الشاعر...../خالد صبر سالم

دَثــَّرَ الـلـيـْـلَ بـالــنــدى والأرَقْ
ورَفــيـقـــــاهُ حِبْــرُهُ والـورَقْ

طارَ فوقَ السحابِ يغوي شموسـاً
تائهـــاتٍ واحْتـالَ حتـّى سَــــــرَقْ

عَلـّـَمَ البــدْرَ كيــفَ يبـدو جميــلاً ؟
قَبَّلَ اللـونَ في شـِـــفاهِ الشــــفـَقْ

وغيــومٌ تـزورُهُ فــي الليــالـي
إنْ تلاقـتْ فـي مُقـلـَتـَيـْـهِ بَرَقْ

يَحـْمـلُ الزيـتَ ، لـو خبا أيُّ نـَجْمٍ
أمطـرَ الزيـتَ فوقَـــــهُ والألـَـقْ

يُرقِـصُ الـليــلَ بالغنـاء ويُمْسـي
فوقَ عينيـهِ شَـــهْقـةٌ للغَسَــقْ
***
دربُهُ الـوهْـمُ والهـوى مُبتـغـاهُ
وجـنـونٌ يسـْــــري بــهِ والقلـَـقْ

لوَّنَ الصـمْتَ بالـحروف وأعطـى
للـقـوافـي ما خَفَّ لفـظـاً ودَقْ

كـُلـّمـا اسْـــــوَدَّ ليــلـُهُ بهمــوم ٍ
أسْـــرجَ الليـلُ شَــــــيبَـةً فأتلـَقْ

وإذا مـا الخيــالُ ذابَ رقيـقـــاً
صـــاغَ منـــهُ قـلائــــداً وحَلَـقْ
***
وأشـــــاعـوا انّ الكـلامَ لـديـــهِ
مَحْضُ كِـذبٍ جمالـُـــــهُ مُختـَلـَقْ

كـذبـوا… بـلْ حروفـُهُ كعـذارى
زاهــداتٍ ينـطـقـْنَ مِنْ وَحْي حَـقْ

هــوَ والـفـنُّ والـجمـالُ رفـــاقٌ
غاصَ فيــــــهِ الجمالُ والفـنُّ رَقْ

وغريرٌ ما إنْ يرى السِــحْرَ بَحْراً
فـي عيـونٍ إلا مضــى لـلغـــرَقْ

فيــهِ قلـبٌ يتـوقُ للعشـــق لكـنْ
هـوَ يبكي مِنْ خشـــيةٍ إنْ عَشــقْ

وهْوَ(قيسٌ) في عِفـّةٍ حينَ يَهوى
وعفافٌ بَراهُ سَــــوْطـُ الـشــــَـبَقْ

وهْـوَ فـي زهْـــدهِ إمامٌ ولكـنْ
رُبّمـــا ابْـتـَلَّ لـيـلـُــهُ بـالـعَــرَقْ

هــوَ نــورٌ وفيـهِ عـشُّ ظــلامٍ
بلْ ظـلامٌ عافَ الـدُجـى واحتـرَقْ
***
فيــهِ رجْسٌ مِـنَ الشـــياطين لكـنْ
فيـــهِ لـلأنبيـــاء ِ غـارٌ يُشَـــــقْ

مُتعَــبٌ يَجـدفُ الـخيــالَ بحِبـْـرٍ
وشــــــراعــاهُ قـلـْبُـــهُ والأرَقْ

وهــوَ طـَيرٌ مـا بـاعَ يومـاً غنــاءً
حسْــــــبُهُ الروضُ زهْرُهُ والعـَبَقْ

شــــرَفُ الحَرفِ عندَهُ مثلُ وَحْيٍ
مِـنْ اِلـٰهٍ فـالـحرْفُ لا يُـرْتــــزَقْ

مِنْ حروفٍ في(كـُنْ) تـَكوَّن كـَوْنٌ
كيـفَ حَرْفٌ يُبــــــاع ُأو يُختـَرَقْ؟!
***
اِنّهُ الشــاعرُ المُشـَـظّـّى خيــالاً
وغـرامـاً وعِيشُــــــهُ فـي رَهَــقْ

فاقرؤوهُ يَعلـقْ بكـمْ دَفـْقُ عطـْرٍ
واســمعوهُ فالســـحْرُ في ما نطقْ



............................

الشاعر

/دَثــَّرَ الـلـيـْـلَ بـالــنــدى والأرَقْ
ورَفــيـقـــــاهُ حِبْــرُهُ والـورَقْ

طارَ فوقَ السحابِ يغوي شموسـاً
تائهـــاتٍ واحْتـالَ حتـّى سَــــــرَقْ/

من خلال هذين البيتين نستطيع أن نحكم على قوة البنيان في التراكيب البنائية للقصيدة، فكأنهما مفتاح الجمال لها، فمن ناحية يوظف شاعرنا الفعل الماضي/دثّر/ لليل كي يغطيه أو يدفئه من البرد بالندى والأرق، بالرغم من أن الندى يحمل البرودة أيضاً، لكنه للورد والنباتات يعتبر الدفء لهم، وكأن الشاعر يريد تدفئة الليل بما يناسبه من صفات، كي يكون الفعل صفة مناسبة للمفعول به،
ثم الأرق الذي يحمله الشاعر جعله متحركاً مع صفات الليل ومتلاصقاً بفاعليته، فكان من النّدى له معنى الإيجابية في التدفئة، والأرق استرق منه المعنى السلبي، ليكونان في تضاد اجتمعت مع الليل والشاعر، ليكون تعبيراً عن أعماق الشاعر وما يلاقيه من جهد وتعب وهو يحلق بفكره وخياله مع حبره والورق، فوق السحاب فيغوي الشموس بهدف استحضار مكنونات القصيدة، حتى وكأنه شبّهه بالسارق للأفكار من عيون العلوّ في السماء مع الخيال.

/عَلـّـَمَ البــدْرَ كيــفَ يبـدو جميــلاً ؟
قَبَّلَ اللـونَ في شـِـــفاهِ الشــــفـَقْ/

/عَلـّـَمَ البــدْرَ/ما أجملها من صورة مفعمة بالجمال والسحر، إذ هو الشاعر الذي يزركش بكلماته وجه البدر ليكون مكان تدبر وتأمل من خلال ما يوحيه من أحرف على وجهه ليراه الناس بمنظار جميل من فوهة قلم الشاعر ومن زاوية لوحته الإبداعية التي رسمها له بإتقان، وهذا كناية عن قدرة الشاعر في رسم الجمال على وجه كل لوحة يخطها ويلوّنها وفق إحساسه النابض وقلمه الرشيق.../كيــفَ يبـدو جميــلاً ؟***/مع علامة استفهام يعود جوابها للخالق المبدع البديع فيما خلق، وبمعنى أن الناس لا تلتفت لأوجه الجمال في البدر وجماله الساحر لولا أن بثّ الشاعر فيه روح التأمل، ومن خلال حروفه استطاع أن يلفت نظر الناس للبدر لرؤية آيات الإبداع والجمال الذي رسمها رب العزة في كونه وسمائه، ليكون الشاعر أداة تحفيز وتوجيه لمواطن كثيرة يغفل عنها الإنسان..ثم يكمل الشاعر قوله:
/قَبَّلَ اللـونَ في شـِـــفاهِ الشــــفـَقْ/هذه صورة شعرية فنية فاقت حدود الجمال بوصف الشاعر لجمال الشفق وجمال البدر من هذا اللون الساحر في الشفق، وكم هو آية متقنة الرسم والسحر، سبحانه وتعالى أحسن الخالقين...عملية التقبيل تدل على قمة بلوغ الجمال وانتهاء بتقبيل الصورة التي لمسها بحبّ وانسجام وذوبان مع حالة هذا الجمال الرباني...


/وغيــومٌ تـزورُهُ فــي الليــالـي
إنْ تلاقـتْ فـي مُقـلـَتـَيـْـهِ بَرَقْ/

الغيوم تحمل في جعبتها المطر والخير لتروي الأرض والبشر من ظمأ، وهنا أرادها الشاعر كناية عن الأفكار الذي يريد أن يلتقطها بما فيها كناية عن صيد الخاطر، فهي تزوره في الليالي، وليس في الصباح أو النهار، وذلك لما يحمل الليل من الهدوء والسكينة وإتاحة المجال للفكر أن يسبح في الأفكار وكيفية جمعها بكل أريحية دون أن يعيق عليه أحد والناس نيام..
استخدم الشاعر الفعل المضارع/تـزورُهُ/ وليس الفعل/تأتيه/بدقة متناهية،حيث أن الفعل /يزوره/من المصدر زيارة، وهي تأتي كضيف لا يمكث كثيراً عند صاحبه، كالفكرة التي تزور الشاعر سريعاً وتختفي إذا لم يقتنصها ويدوّنها في مخيلته وذاكرته أو على الورق، لذلك اختياره لهذا الفعل كان بمنتهى الذكاء والدقة المهارة..
/إنْ تلاقـتْ فـي مُقـلـَتـَيـْـهِ بَرَقْ/
هذه الجملة ابتدأت بحرف/إنْ/وهو حرف شرط جازم، تبعه الفعل الماضي/تلاقتْ/ وهو جملة الشرط الفعلية التي تجلْت بهذا الفعل الماضي ليكون جواب الشرط هو الفعل الماضي/بَرَقْ/ فالجملة مرهونة ومشروطة في عملية التلاقي للغيوم في الأحداق لتتم عملية البرَق، والتي هي ظاهرة تدل على عملية المخاض للمطر والخير، كناية عن الأفكار التي تتمخّض في فكر الشاعر لتنزل محمّلة بالفكرة الجديدة..ثم /برَق/ فعل ماضي يومئ لنا بالإضاءة وإزاحة عوامل الظلام لتبزغ خلفها السماء بحلّة جميلة، وهذا كناية عن ظهور الفكرة من ذهن الشاعر وكأنه بزغ معها الضياء. ثم جعل الشاعر من الأحداق بالذات مجْمعاً للرؤيا الثاقبة للأشياء لتحديد معالمها وفق زاوية النظر التي تلامس الأشياء حتى تتم عملية الوصف لها بإتقان ودقة، لذلك توظيف هذه الجملة الشرطية كانت محل وصف صورة شعرية مذهلة حلّقت في ذهن المتلقي لجمع قوت الخيال..

/يَحـْمـلُ الزيـتَ ، لـو خبا أيُّ نـَجْمٍ
أمطـرَ الزيـتَ فوقَـــــهُ والألـَـقْ

يُرقِـصُ الـليــلَ بالغنـاء ويُمْسـي
فوقَ عينيـهِ شَـــهْقـةٌ للغَسَــقْ/

الصورة الشعرية هنا وما حملت من جمال وأوصاف، جعلتنا نلهث وراء اللفظة لاستخراج ما حملته رسومات تعود لخيال الشاعر الخصب..
استعمل الشاعر/الزيت/ كوقود للنجوم كي تدرّ عليه الأفكار البكر كلما خفت نورها، كي تبقى محل إضاءة لألق الحروف، حتى يُراقص بها الليل من جمالها، وحتى يكتمل اختمارها لتشهق عنها بالغسق وهو أول ظلمة الليل بعد الغروب،وكأنه يريد شهقة أخيرة للظلام كي تضيء الليل بأفكاره الجديدة..

/دربُهُ الـوهْـمُ والهـوى مُبتـغـاهُ
وجـنـونٌ يسـْــــري بــهِ والقلـَـقْ

لوَّنَ الصـمْتَ بالـحروف وأعطـى
للـقـوافـي ما خَفَّ لفـظـاً ودَقْ

كـُلـّمـا اسْـــــوَدَّ ليــلـُهُ بهمــوم ٍ
أسْـــرجَ الليـلُ شَــــــيبَـةً فأتلـَقْ

وإذا مـا الخيــالُ ذابَ رقيـقـــاً
صـــاغَ منـــهُ قـلائــــداً وحَلَـقْ/

هنا وصف حالة الشاعر وقدرته على تحديد ملامح كل شيء بحرفه وأبعاد خياله وأفكاره، وكيف يستطيع أن يحوّل الليل لنور من سراج هو فاعله نتيجة فرز الهموم عن طريق القلم والشعر، ثم يصفه دائم الهموم والقلق، من كل ما يحيطه من أحداث وأزمات، لينقلها عبر أثير حرفه، فالشاعر يملك مشاعر الخلق وهمومهم وقضاياهم، لذلك يبقى في حالة شعورية دائمة القلق، يحلّق عبر خياله لأبعد مدى حتى ينسج من الآفاق ما يبقي قلمه حياً بفرز قوافيه من جمال السبك وبناء الحرف..

/وأشـــــاعـوا انّ الكـلامَ لـديـــهِ
مَحْضُ كِـذبٍ جمالـُـــــهُ مُختـَلـَقْ

كـذبـوا… بـلْ حروفـُهُ كعـذارى
زاهــداتٍ ينـطـقـْنَ مِنْ وَحْي حَـقْ

هــوَ والـفـنُّ والـجمـالُ رفـــاقٌ
غاصَ فيــــــهِ الجمالُ والفـنُّ رَقْ

وغريرٌ ما إنْ يرى السِــحْرَ بَحْراً
فـي عيـونٍ إلا مضــى لـلغـــرَقْ/

يصف هنا حالة الشاعر وهو يتعرّض لما يشيعون عنه أنه كلامه وجمال ما ينسجه هو محض كذب واختلاق، ليدافع عنه الشاعر بنفي هذه الاختلاقات، ليبرز محاسنه بأوصاف العذارى لحروفه، ونطقه الحق، بل يقدم للأدب الفن والجمال..
الشاعر هنا استعمل الصور البارعة والتشابيه/ كعذارى/ كي يضفي القوة على ألفاظه، وتكرمه بموقعه من البلاغة والبراعة في القول والفصاحة، وحذقه بصناعتها ما جمعت بين السهولة والرصانة مع السلاسة، وبين العذوبة والجزالة.. مما يفتح المجال للخيال أن ينسجم مع فكره العميق ضمن الدلالات المختلفة التي تقبع بين أوصاف الشاعر ومهامه العظيمة في نقل الصورة الحية من الواقع عبر قلمه البليغ وتجسيده المتقن لما يصادفه من حقائق أو ما ينسجه الخيال من تأويلات رؤيا تكون صيداً نفيساً يدلي بها بفكره الخصب..
في هذه الأبيات نلاحظ ارتفاع نسبة الإقاعات الموسيقية والنبرة في النغمة على شكل لحن جميل، وهو يرسم التكرار لبعض الكلمات كتكرار كلمة/جمال/ ثلاث مرات، وكلمة/ الفنّ/ مرتين..

/فيــهِ قلـبٌ يتـوقُ للعشـــق لكـنْ
هـوَ يبكي مِنْ خشـــيةٍ إنْ عَشــقْ

وهْوَ(قيسٌ) في عِفـّةٍ حينَ يَهوى
وعفافٌ بَراهُ سَــــوْطـُ الـشــــَـبَقْ/

يظهر الشاعر أوصاف الشاعر الحقيقي في مسألة عشقه وحبه، فهو يظهر أن الشاعر له قلب يحب ويعشق ولكنه يخاف من ذلك العشق أن يودي به لما لا يحمد عقباه فينسلخ عن درجات النقاء والطهر، وخوفاً من حرفه إن وقع في الذنوب، فالشاعر كما وصفه في حبه عفة وعفاف بعيداً عن الشهوات التي تلطخ نقاءه وطهره..فالشاعر أبعد من ذلك لأنه يحمل الحب العذري كقيس في حبه العفيف للقلب لا للشهوة..
ثم يصوّر لنا صورة الشاعر ويجسدها بأوصاف دقيقة تزيد من عمق التأمل والتدبر. إذ يقول:

/وهْـوَ فـي زهْـــدهِ إمامٌ ولكـنْ
رُبّمـــا ابْـتـَلَّ لـيـلـُــهُ بـالـعَــرَقْ/

هنا يرسم شاعرنا صورة الشاعر في زهده وتبتّله بتصويره كالإمام والرجل العالم الجامع للخير ‏، وكقائد للشعراء، بسبب ما يجمع من درر الكلام والبلاغة وجمال الألفاظ وقوة بناء التراكيب، لكنه يضيف له، أن ليله يبتل بالعرق من كثرة الجهد المضاعف في اعتصار خياله وفكره للحصول على لوحة بارعة الجمال، وكأنه يقول لنا أن الليل هو مفتاح الإلهام لحروفه وقصائده، من خلال ما يتدفق من الليل من سكينة وهدوء تسمح للخيال وللأفكار العبور في مخيلته بطريقة صافية لا يعكرها شيء من إزعاج أو ضوضاء.. لذلك الشاعر وضع للشاعر صورة بهية ينسجم مع قدرة الشاعر على الإتيان بكل صور الإبداع..

/نــورٌ وفيـهِ عـشُّ ظــلامٍ
بلْ ظـلامٌ عافَ الـدُجـى واحتـرَقْ/

هنا تتجلى عناصر السحر والبراعة في صورة الظلام الذي يرقد عشه في منازل النور، وقد عاف واحترق الدجى فيه من كثرة وشدة ضوء ذلك النور الذي كان سبباً في هذا الاحتراق، والنور هو تلك الصورة المضيئة التي وضعها الشاعر لأوصاف الشاعر، وكأنه المرآة النقية التي تعكس الذات الحقيقية للشاعر الحقيقي وليس الذين يتطفلون على الشعر ويصعدون على الأدب بلا جذور وأساس حقيقي للشعر..

/فيــهِ رجْسٌ مِـنَ الشـــياطين لكـنْ
فيـــهِ لـلأنبيـــاء ِ غـارٌ يُشَـــــقْ/

الشاعر هنا يضعنا بين صورتين متناقضتين للشاعر، من ناحية يصفه
/نــورٌ وفيـهِ عـشُّ ظــلامٍ/ ومن ناحية أخرى يصفه/فيــهِ رجْسٌ مِـنَ الشـــياطين/ وهذا يعزز صورة الإنسان الذي خلق فيه نزعة الخير ونزعة الشر، ولا يخلو إنسان من وسوسة الشياطين له، ليغويه لطريق الضلال، وهنا تأتي درجة الإيمان وقوة الإرادة في التحكم بأنياب الذات التي تميل لعمل الشيطان، درجة القوة تكمن بقوة الإيمان، والتي يصدر حينها النور الذي يوقد في طريقه نحو الأمان والحق..بينما إذا اشتدت عليه وساوس الشياطين فإنها تغويه ليخرج عن دائرة الإيمان، ويصل للكفر خين ينسج حروفه بالألوهية وكأنه أصبح إله الحرف لا يغلبه أحد، لتكبر فيه خصال الكبَر والتكبر والتجبر فلا يرى أحد بمنزلته، وهذه الخصال تؤدي لمنازل الكفر البغيض، فالشاعر يقصد أن كل إنسان معرّض لغواية الشياطين، إلا أن الشاعر الحقيقي يسلم من هذه الحالة، بقوله:
/لكـنْ
فيـــهِ لـلأنبيـــاء ِ غـارٌ يُشَـــــقْ/
هذا التناص من القرآن وسيرة رسول الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، الذي يأخذنا لغار ثور وغار حراء، غار ثور، تذكرنا بالهجرة بدين الله خوفاً من الكفار من القتل، انطلاقاً من غار حراء التي هي اتصال السماء بالأرض عن طريق الوحي لتعليم رسول الله رسالة السماء وبثّها للبشرية جمعاء..وانتهاء بغار ثور، فللغار معالم توحي بالكثير من الدلالات التي من خلالها تغيّرت معالم الأرض من الظلام إلى النور بدين الله سبحانه وتعالى..
الشاعر أراد ن يلفت انتباهنا لقدرات الشاعر في تحريك عصب الأمة من خلال شعره وكلمة الحق في وجه الباطل والتوجيه نحو القلم لبثّ الدعوة لله وعدم الصمت بل بالجهر بكلمة الحق أمام سلطان جائر.. وطبعاً ندرك قوة القلم حين يقف أمام لسان الظلم ليفتك به..وهو يعلم يقيناً بأنّ قوة قلمه ستودي بحياته بسبب نطقه بنور الله..كما حصل مع المئات من العلماء ومنهم الشعراء الحقيقيين..
لذلك الشاعر قال:/غـارٌيُشَـــــقْ/وهو يوحي لانطلاقة الشاعر، وهو يقبع في الغار تأملاً ورهبانية، للكلمة الحقة والثورة على الباطل وأهله...

/مُتعَــبٌ يَجـدفُ الـخيــالَ بحِبـْـرٍ
وشــــــراعــاهُ قـلـْبُـــهُ والأرَقْ/

ما أبلغ هذه الصورة التي جاءن تواكب المراحل التي يخوضها الشاعر قبل ولادة القصيدة، ما بين تكوين نواة الحرف حتى تمتد لبناء الكلمة لتنتهي في زفاف القصيدة، مراحل متعبة جداً تحتاج الوقت الشاق، فالشاعر هنا يصف المشقة التي يتعرض لها الشاعر في محض ولادة القصيدة، الأوصاف التي يرسمها هنا تبدأ من الخيال وهو يسبح في نهر الحبر أو بحره، ثم يستعمل الفعل المضارع/يجدّف/ وهذا الفعل يواكب ويلائم عملية تحريك الحروف للوصول لبر الأمان على شاطئ القصيدة، فالتجديف وصف بليغ كي نحرك فيه ثمار الكلمات وما نتلقاه من الجهد فيه للوصول لعملية حصاد القصيدة، لأن الخيال يحتاج للجهد العظيم باستخراج مكنون سحره والعلو في قمته ولملمة الكلمات واجتماعها كمنظومة إبداعية عن طريقها نحرك ذائقة المتلقي، والخيال يحتاج من الشاعر الجهر للسبح في بحور اللغة لاستخراج كنوزها على هيئة لوحة شعرية متدفقة الجمال.. والأبلغ من هذا التوظيف ما زاد عليه في عملية التجديف شراعاه:
/وشــــــراعــاهُ قـلـْبُـــهُ والأرَقْ/
فالقلب وهو منبع الأحاسيس، والأرق شراعه الثاني، به يبقى الشاعر يتخبط في استجماع حروفه حتى تستقر بكامل قواها كقصيدة تحرك مواطن الإحساس في القلب، فالقلب شراع مهم جدا في تحريك عصب المتلقي، بدونه لا نبض لقصيدة ولا تفاعل من القارئ، فالمشاعر هي المحرك الرئيسي للقصيدة، وإلا تفقد روحها وحلاوتها...

/وهــوَ طـَيرٌ مـا بـاعَ يومـاً غنــاءً
حسْــــــبُهُ الروضُ زهْرُهُ والعـَبَقْ

شــــرَفُ الحَرفِ عندَهُ مثلُ وَحْيٍ
مِـنْ اِلـٰهٍ فـالـحرْفُ لا يُـرْتــــزَقْ/

الصورة هنا تتبع ما قبلها من قوة البناء وحسن التراكيب التي تجمع ما بين الحرف والمحتوى بدقة متناهية.
وصف شاعرنا الشاعر بالطير، ولم يصفه بالنسر أو الصقر، بل جعل من الشاعر إنساناً رقيقاً بمشاعره وقلبه كصفة الطيور برقتها وجمال براءتها، وحيث لا تعرف الحقد والضغينة، فالشاعر روحه حساسة جداً وقلبه يتراقص نقاء وعفة وصفاء، وهذا الوصف تشبيه لخصال الطير الرقيق، ثم يعرض لنا صفات هذا الطير والذي يشبهه بالشاعر/ ما باع يوماً غناء/ بمعنى أن الطير لا يتاجر بصوته، بل يغني بلا مقابل على السليقة والبراءة، والشاعر أيضاً لا ينظم حرفه للتجارة بالبيع والشراء، بغض النظر على وجود من يبيعون حروفهم للغير من أجل المال وغيره..
/حسْــــــبُهُ الروضُ زهْرُهُ والعـَبَقْ/
من نقائه وشفافيته أنه يكتفي بالبستان الذي يقف فيه إو يعيش وسطه بين زهوره وعبقه، وهذا يدل على القناعة والرضا بما هو فيه دون تملق أو ضيق..
والشاعر يعيش بالقناعة والرضى تحت سقف الحمد والشكر..حيث لا يشتري الحرف الذي لا يرتزق، وهذا هو قمة الشرف في تلقّيه الإلهام والوحي بعون الله ومشيئته..

/مِنْ حروفٍ في(كـُنْ) تـَكوَّن كـَوْنٌ
كيـفَ حَرْفٌ يُبــــــاعُ أو يُختـَرَقْ؟!/

هذا البيت لوحده يجعلنا نقف أمام حروفه تأملاً وتدبراً، وقد نقلنا الشاعر من خلاله نحو خالق الكون والتدبر فيما خلق، وكيف بقدرته العظيمة إذا قال للشيء كن فيكن، وكيف عظمته هذه لا تخضع له البشر أو تلين في قلوبهم المخافة والخشية من عقابه، ولا تدخل القسوة للقلب إلا بالمعاصي والذنوب والفساد، وهنا ربطها الشاعر بمن يبيع حروف غيره بعد أن ينسبها له أو يخترق مملكة غيره من القصائد ليتاجر بها لحسابه..فالشاعر يضع علامة التعجب والاستفهام، كدليل لاستغرابه ممن يسرقون حروف غيرهم ليتسللوا لمناصب أدبية..

/اِنّهُ الشــاعرُ المُشـَـظّـّى خيــالاً
وغـرامـاً وعِيشُــــــهُ فـي رَهَــقْ

فاقرؤوهُ يَعلـقْ بكـمْ دَفـْقُ عطـْرٍ
واســمعوهُ فالســـحْرُ في ما نطقْ/

ينهي الشاعر لوحته الفنية كملخّص لصفات الشاعر وما يحمل من خيال مذهل يشوبه الأرق كلما نوى استحضار القصيدة من أفق خياله، فهو ينصح بالقراءة والاستماع لهذا الشاعر وما ينثر من عطر حرفه ليعلق على ألسنة قرائه من هذا العبق الفاتن. كناية عن جمال وعظمة الرسالة الأدبية التي ينقلها الشاعر عبر الأجيال بالتواصل عبر الأقلام.. رسالة الشاعر عظيمة، حين يوظفها في دروب الحق والصدق والنقاء، فيكون بحرفه أعظم من القنابل والأسلحة، لأن الكلمة الحقة الصادقة الهادفة، تؤثر في النفوس وتهذبها وتصقل الأرواح بما تستقيم بها الأعمال.
كانت خاتمة القصيدة فنية بارعة تدل على حرفية كاتبها وقوة قلمه..

الشاعر في هذه القصيدة حلّق بالمتلقي عند سدرة الجمال وقمة الإبداع..
فالقصيدة ممتلئة بالصور الشعرية التي وظيفتها في إيصال المعنى بطرق عدة، كالرمز والإيحاء، كتعبير عن عواطفه وأفكاره وفكره المتقد، بهدف تجميل الشعر بالرقة والصدق والجمال، فهي تعد عنصراً من عناصر الإبداع الشعري، ثم فيها من الجماليات، من بلاغة وقوة بناء وفصاحة، ولديه القدرة في التلاعب بالجمل والمفردات بأسلوب متفرد ليوفّر للمتلقي الدهشة، خاصة ما خلق من تنغيم موسيقي كان عبْر التكرارات..
هذه التكرارات المتعددة إنما جاءت لتحيي الموسيقى الشعريّة، داخل القصيدة وتبعث الجمال بين السطور، فتدخل إلى نفوسنا ما فيه من حلاوة جَرْس الألفاظ وانسجام في توالي مقاطع الكلام على مسافات زمنية وفق نظام ونسق معين، تحركها تلك التردّدات في القوافي وتكرارها وتكرار الكلمات التي تُكسب النص إيقاعاً محبّباً ذا أثر عظيم في النفس، لتنفعل معه القلوب.
فالموسيقى الشعريّة عنصر بالغ الأهمّيّة، يكتمل جمالها عندما تقترن بالأفكار وحسن الألفاظ وتأجُّج العواطف والتجلّي بقدرة الخيال، وتطويعها وفق معاني عميقة، لتكسب القصيدة درجة عالية من الكمال ومواطن الجمال. فالوزن والموسيقى ليسا كافييْن، دون المعنى الواضح الذي يساهم على الإصغاء والاستمتاع والتأثّر.

يستخدم الشاعر في القصيدة، التكرار للضمير الغائب/هو/فقد ذكره ستة مرات..وكذلك ذكر الليل ستة مرات/ الليل، الليالي، الليل، ليله، الليل، ليله/
ثم كان للتكرار من جمالية في الألحان من خلال تكرار لحرف السين الرقيق عذب النطق واللحن، فقد تكرر 14 مرة، وحرف الشين 18 مرة، وحرف القاف 49 مرة، وأما حرف الراء 50 مرة.
هذه التكرارات كانت عملية مساهمة في توزيع موسيقي داخل القصيدة، مما رفع من منزلتها ومكانتها، خاصة مع تدفق المعاني البليغة التي احتوتها القصيدة، وقدرة الشاعر في بناء متقن وتنسيق فني رائع للتراكيب الإبداعية، مما زادها قوة وجمالاً، لإكسابها إيقاعاً محبباً جميلاً بموسيقى عذبة مؤثرة بنغماتها تنساب مع أحاسيس الشاعر وانفعالاته..
إنّ تنوّع التكرارات في القصيدة، تفسح المجال لتنوّع النغمة الموسيقية للكلمة أو الجملة الواحدة، لتكشف لنا الحالة النفسية للشاعر وتجربته الشعورية بما تحمله من انفعالات وحس داخلي يترجمه الحس الخارجي وفق الأفكار التي تختلج في نفس الشاعر.
إنّ عملية التكرار لأي حرف، له دلالاته في فهم نفسية الشاعر، ومنها لها وقع شديد مثل حرف القاف، وهو حرف حلقي قوي يناسب موقف القوة الذي أكسب الأبيات موسيقى صاخبة قوية تتناسب مع غضب الشاعر لمن يتسلل ويخطف قصائد غيره لنيل الشهرة والمال. بالمقابل من حرف القاف الحلقي الشديد، يكرر الشاعر حرف الراء الرقيق، بنفس عدد التكرارات تقريباً، ثم حرف السين الرقيق وكأنه بين حالة مدّ وجزر، في معاني الكلمات وما يشعر به الشاعر من عواطف مختلفة، كلٌّ حسب موقعه في النفس الذاتية للشاعر مما أضاف ذلك إيقاعات داخلية عزفت الرقة والعذوبة في مجرى حلق القصيدة.
فالقصيدة بأكملها عبارة عن مقطوعة موسيقيّة عذبة الأنغام ومتدفقة الألحان، حيث بناها الشاعر على رويِّ القاف الساكن الشديد، ثم أكثر استعماله في سائر الكلمات في القصيدة، ربما ليكون تعبيراً شديد اللهجة لما لاقاه من الشعراء المتسللين بغير وجه حق بين الشعراء الأحرار، حتى أصبح حرف القاف مهيمناً على سائر الأبيات تقريباً،حتى أنعم علينا بقيمته الصوتيّة وأنغامه المؤثرة.

الشاعر الكبير المبدع المحترف
أ.خالد صبر سالم
كل الجمال ومتعة التذوق من خلال تدفق السحر من بين أنامل قصيدتكم الراقية، فقد أضأتم الأدب والشعر بحروفكم الراقية وعبقها التي تناسلت رقياً وجمالاً...
بورك بقلمكم وما نثرتم من بلاغة في سماء الأدب..
وفقكم الله ورعاكم وزادكم نوراً وعلماً وخيراً كثيراً
.
.
.
.
.
جهاد بدران
فلسطينية
شكرا لك القدير أ/ جهاد بدران
بوركت و بورك ضوؤك حيث تنثرينه فتضحك المعاني و تتزين الحروف

كل الاحترام للراقية أ/ جهاد بدران،
و للشاعر الراقي أ/ خالد صبر سالم كل الاحترام






،، أنـــ الأحلام ـــــا ،،

  رد مع اقتباس
/
قديم 21-08-2021, 05:56 PM رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
جهاد بدران
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل صولجان القصة القصيرة أيار 2018
فائزة بالمركز الثاني
مسابقة الخاطرة 2020
فلسطين

الصورة الرمزية جهاد بدران

افتراضي رد: قراءة جهاد بدران لقصيدة/الشاعر/ خالد صبر سالم

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحلام المصري مشاهدة المشاركة
شكرا لك القدير أ/ جهاد بدران
بوركت و بورك ضوؤك حيث تنثرينه فتضحك المعاني و تتزين الحروف

كل الاحترام للراقية أ/ جهاد بدران،
و للشاعر الراقي أ/ خالد صبر سالم كل الاحترام
وكل التقدير والتبجيل للراقية الأديبة الرائعة
أ.أحلام المصري
على مجهودها الكبير اتجاه النصوص في كل أين..
بحيث تعملين على عملية تحريك النصوص وتفعيلها من جديد..
وهذه طاقة تحسب لك على مجهودك الكبير ورقي حروفك البارعة..
دمت ودامت الصحة والعافية في محراب عمرك..
ودعائي العظيم لك برعايته وحفظه
ويكفيني توقيع قلمك الرشيق كي يزدان النص بهمساتك الراقية
شكرًا ولا تكفي
لذلك اقول بملء الحرف سعادة،
جزاك ربي كل الخير حبيبتي
ودام عطر قلمك في سماء اللغة العظيمة
رعاك الله وحفظك






  رد مع اقتباس
/
قديم 21-08-2021, 11:48 PM رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
أحلام المصري
الإدارة العليا
شجرة الدرّ
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
عضوة تجمع أدباء الرسالة
تحمل صولجان الومضة الحكائية 2013
تحمل أوسمة الاكاديمية للابداع والعطاء
مصر

الصورة الرمزية أحلام المصري

افتراضي رد: قراءة جهاد بدران لقصيدة/الشاعر/ خالد صبر سالم

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جهاد بدران مشاهدة المشاركة
وكل التقدير والتبجيل للراقية الأديبة الرائعة
أ.أحلام المصري
على مجهودها الكبير اتجاه النصوص في كل أين..
بحيث تعملين على عملية تحريك النصوص وتفعيلها من جديد..
وهذه طاقة تحسب لك على مجهودك الكبير ورقي حروفك البارعة..
دمت ودامت الصحة والعافية في محراب عمرك..
ودعائي العظيم لك برعايته وحفظه
ويكفيني توقيع قلمك الرشيق كي يزدان النص بهمساتك الراقية
شكرًا ولا تكفي
لذلك اقول بملء الحرف سعادة،
جزاك ربي كل الخير حبيبتي
ودام عطر قلمك في سماء اللغة العظيمة
رعاك الله وحفظك
و لك المثل من طيب الدعاء الذي خصصتِني به،
كل آيات الشكر و الامتنان على ما تفضلتِ به في حقي
و أتمنى أني دوما عند ظنك الجميل

تقديري و محبتي دوما






،، أنـــ الأحلام ـــــا ،،

  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:26 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط