لِنَعْكِسَ بّياضَنا | |
« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر » |
|
☼ بيادر فينيقية ☼ دراسات ..تحليل نقد ..حوارات ..جلسات .. سؤال و إجابة ..على جناح الود |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
18-01-2014, 01:50 PM | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
قراءة في ديواني سفر الحنين للشاعر التونسي الاستاذ شكري السلطاني
سفر الأمل والألم
: من مدينة عظيمة و جميله يطل عليها سفح جبل قاسيون، وقد شَمُختْ بشموخه، و احتلتْ مكانة مرموقة في مجال العلم ، والثقافة ، والسياسة ، والفنون ، والأدب تطل علينا الشاعرة غادة قويدر مسافرة سفر الحنين وهو العنوان الذي انتخبته ليكون معبرا عن قلقها وهيامها بالرحيل الى الأقاصي لتوحد بين النصوص الأدبية مثل دمشق تماما تلك المدينة التي جمعت العديد من الأعراق البشرية والديانات ، وضربت مثلاً رائعاً في التعايش الديني بين جميع الديانات والأطياف ، انها مدينة دمشق التي ولدت بها، ونشأت وتعلمت وقد وصفتها الشاعرة غادة بالعروس الأموية ، التي تغنَّى بها الشعراء والفنانون ، على مر التاريخ ، وتميز أهلها بالكرم والطيبة ، والعراقة في النسب ، والأصول الشامية التليدة ،...من أبواب دمشق الحضارة : باب النصر ، وباب توما ، وباب الجابية ، وباب فرج ، وباب السلام ، وباب شرقي ، وباب كيسان ... في أحضان الجامع الأموي أينعت غادة الكلمات ، لتخاطب الجدران ، والأرصفة والنوافذ المتسامحة المطلة على بلد الياسمين و الجمال والسحر والسرور فيسري ليعبق حب التراب متعة للعين والقلب والفؤاد،فيأتيها العشاق من كافة أنحاء المعمورة، للتعرف الى أبجديات الرقي والسحر وبين احضان هذه الارض الغناء ترعرعت الكاتبة المبدعة غادة قويدر،وهي من مواليد مدينة دمشق ، متزوجة، ولديها خمسة أولاد، تعمل أستاذه محاضرة في اللغة الانكليزية، وقد وهبتها هذه الأرض المباركة ثلاثة دواوين شعرية :" دموع الياسمين، وسفر الحنين، ورقص على حد السكين،"كما انجزت جملة من الأعمال النقدية موصولة بما كتبه بعض المبدعين العرب ولها كذلك كتابات في القصة القصيرة والمقالات المنشورة في الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية ، وكما أنها مترجمة وقد ترجمت العديد من القصائد والنصوص لأدباء وشعراء عرب وأجانب ولديها ديوان قيد الطباعة باللغة الانكليزية .ولكل ذلك اصبحت الشاعرة غادة قويدر قامة شعرية متميزة ولقد عرفتها أكثر عندما استضفناها في تونس الخضراء لتخضوضر الأعشاب بكلماتها التي فعلت فينا فعل المطر في الأرض فكانت حقا رائعة في انشادها وإبداعها وشدها للجمهور الذي استمتع بروائعها الشعرية المخاطبة للروح والمتغلغلة في أسرار الحياة بأفراحها وأتراحها وليس ذاك غريبا عن شاعرة نبتت وترعرعت في الشام أرض الحب والبدايات والجمال والفن والحضارة الحسناء العريقة التي انجبت مبدعين كبارا من أمثال نزار قباني الذي تغنى بدمشق في قوله: هذي دمشق.. وهذي الكأس والراح إني أحب ... وبعض الحب ذباح هنا جذوري.. هنا قلبي .. هنا لغتي فكيف أوضح؟ هل في العشق إيضاح؟ والذي يقرأ شعر غادة قويدر يعرف جيدا أن الشام ولادة الجمال والفن الأصيل فقد اكتشفت أنها مهندسة كلمات ومناضلة بالحرف تفوح من ثنايا شعرها هموم عربية يكتنفها العجز و العسف والقهر والاستبداد ويطل من ورائها التفاؤل والصباح الجديد والأمل واسمعها وهي تتألم بسبب الغربة والحنين الى أمها الرءوم الأرض التي رضعت منها حليب الحياة والوفاء والولاء: أنا وطن من الحرقة أبكي =ورفاقي بشط بعيد المزار أوغلو كفى بالله يا دهر تلعق نزفي =والجرح مفتوح ولا أتحمل قد حملت جرح الشام حسرة =وجراح الغربة بي تشتعل للعصافير مواسم اليها ترحل =وجرح الوطن موسم لا يرحل فهي معاناة تعبر عن أي عربي حر كريم أبي لا يرضى أن يكون ذليلا خانعا لمن كبلوه حريته .وصادروا أحلامه .ومن معاناة الشاعرة غادة قويدر تنهمر الكلمات ليتوحد الكون في جرح عربي واحد حتى تضميد الجراح الانسانية المضرجة في الوجود .ولا شيء يحمي ابن آدم سوى الحب والفن والنهل من حياض الجمال ولذلك بدت الشاعرة متنقلة في المكان والزمان معتنقة المحبة والسلام خلاصا من الاحباط والحزن وبشاعة الموت التي رسم لوحتها الطغاة والمفسدون في الأرض ولكل ذلك تعتنق الشاعرة غادة قويدر دين الحب والجمال والتسامح والأمل ليصير الجرح وردة بيضاء فتنبعث الحياة من رحم الموت وهنا تحضرني أبيات للشاعر العربي محمود درويش : "هو أنت ثانية ألم أقتلك قلت قتلتني ونسيت مثلك أن أموت" وفي هذا السياق الجمالي المفعم بالحلم تنحاز الشاعرة للغناء حتى توغل في الحياة وتشرب من معينها الحيوي حتى التصوف والحلول في تفاصيل الخلق: يا للجمال ورجفة تتدلل = صبحا على بردي وغيث ينزل أنا زهرة فواحة وأريجها مسك = وكافور يشف ويرسل فالحب اكسير القلوب ودونه = هذي الحياة مرارة لا تعقل دعني أعاقر خمر حبك ارتوي = وأهيم في كنف الحبيب واثمل وأثناء رحلتها الشعرية تسري الشاعرة غادة قويدر على قلق كأبي العتاهية والمتنبي .ومن ركب مطايا الحروف نحو المعالي ولكن لا تكون الطريق ممتعة متمنعة حتى تكون بلا نهاية لأن رحلة الكتابة هي الحلم الذي يحقق الشعرية والجمالية وعندئذ ينكسر القيد ويتهاوى القبح فمن الشعراء من يرى في الشعرية خلاصا لرؤاه من العبودية،وفي ذلك يصرح كمال أبو ديب بأن الشعرية هي :"الحلم الأسمى في عالم الإنسان وذاته,نزوعه الدائب إلى خلق بعد الممكن .. وهي قدرة عميقة قادرة على استبطان الإنسان والعالم والطبيعة ، وآلهتها ،المجتمع وصراعاته،الحضارة وسموها ، وعظمتها ،الطبقات المسلوبة المستغلة و ملحمة صراعها،ضد طبقات .. تمسح وجودها بالقسر والقهر والقمع وكل ما في اللغة من قافات وقيافات .." (1) لذلك لن تحصل الشاعرة على مستقر لها في الكون الشعري ونستشف هذا من خلال الاهداء الذي دبرته لمجموعتها الشعرية في قولها"وتبحث الروح عن المرسى...من ذات القلق نقطف ثمار الشوق في ذات الغفوة العميقة نبحر...وعبر الغيوم وفي مسارب الضوء حتى أطراف الصبح' وهذه الأحلام والرؤى المتدثرة بالنور تصور الشاعرة غادة قطبا للرمز والتكثيف الذي يجعل نصوصها ملتقى تتقاطع فيه مشاعر الألم والعشق الصوفي الذي يخترق كل الأزمنة والأمكنة ولن يبقى من الزمن سوى ايقاع الشعر يمضي على مهل كالشاعرة تماما التي اصبحت حالة شعرية بامتياز فحيثما سرت ويممت وجها شطر اللغة سرت معها المشاعر الانسانية الخالدة ورافقتها القضايا الوجودية الساخنة ولا ادعي _اصدقائي القراء _اني احطت برياض المعاني الغرائب على حد عبارة ابي تمام فقصائد الشاعرة غادة قويدر متمنعة مترامية الدلالات ولذلك اترك لكم متعة التحليل والتأويل والمكاشفات لنصوص شاعرة تمتد الى عمق التفاصيل الانسانية للخلاص من ضغط الحصار والغبار الذي يخيم على الوطن . بقلم الشاعر : شكري سلطاني /تونس ........................................................................................................ 1_ كمال أبو ديب ،في الشعرية ،مؤسسة الأبحاث،1987.بيروت ،ص143.
|
||||
04-02-2014, 11:25 AM | رقم المشاركة : 2 | ||||
|
رد: قراءة في ديواني سفر الحنين للشاعر التونسي الاستاذ شكري السلطاني
دراسة قيمة وتمنحنا عبورا لضفة الاستاذ شكري الناقد في عمق حرف العزيزة غادة
تحية لكما معا
|
||||
04-02-2014, 12:08 PM | رقم المشاركة : 3 | ||||
|
رد: قراءة في ديواني سفر الحنين للشاعر التونسي الاستاذ شكري السلطاني
الأديبة والشّاعرة المتميّزة غادة قويدر.شاعرة قديرة استطاعت أن تلفت اليها الأقلام وانتباه القرّاء ...
شاعرة تنحت قصائدها من غربة الأوطان الشّعر عندها قدر... حياة وموت توطّن في نفسها ووجدانها وعاش أحوالها وألمها وهزجها وتوهجها فجاء مصقولا على أسس بليغة وسليمة ...جعلتنا نتشرّب الأيقاع اللّغوي الباهر... .ونحضن وجع الأوطان وانتكاساته. فهنيئا لك قديرتنا بهذه القراءة المتمكّنة في ديوانك سفر الحنين بقلم الشّاعرالتّونسي المتميّزالقديرشكري السلطاني والتي أجاد فيها بأقتدار مذهل الوقوف على خصائص أسلوبك الشّعريّ الجميل .وثراء لغةو نصّ ينتميان الى الشّعر إنتماءا أصيلا وقد جاءت قراءته بمثابة محاورة كشفت عن مكامن جماليّة زاخرة متنوّعة لعالمك الشّعري. فكلّ الشّكر والتّقدير لشاعر تونس على هذا العمل الأدبي الرّائع الذي سلّط الضّوء فيه على قامة شعريّة دمشقيّة الجذور والمنبت الرّائعة غادة قويدر محبّتي يا غادة التي تعلمين والتي لا تعلمين .... صديقتك دعد
|
||||
08-02-2014, 10:59 PM | رقم المشاركة : 4 | |||||
|
رد: قراءة في ديواني سفر الحنين للشاعر التونسي الاستاذ شكري السلطاني
اقتباس:
القديرة فاطمة الزهراء العلوي أشكرك غاليتي ومرورك الراقي محبتي وتقديري لروحك
|
|||||
09-02-2014, 12:46 AM | رقم المشاركة : 5 | |||||
|
رد: قراءة في ديواني سفر الحنين للشاعر التونسي الاستاذ شكري السلطاني
اقتباس:
الأخت الرائعة دعد كامل كم هو نقي في مقلتيك هذا الارتجاف ؟ وكم من السحر والجمال تقطن محبرتك المنسكبة عطرا ؟ سيدتي الراقية قد تلهينا تموجات الحياة واتراحها ولكن في القلب أحبة لا ننساهم .. شكرا لعبق القراءة وجمال اللقاء تحية تليق بك غاليتي
|
|||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|