وسام - ۩ أكاديمية الفينيق ۩



لِنَعْكِسَ بّياضَنا


« تَحْــليقٌ حَيٌّ وَمُثـــابِر »
         :: رفيف (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: الزمن الأخير (آخر رد :حسين محسن الياس)       :: ،، نهرُ الأحلام ،، (آخر رد :أحلام المصري)       :: صَمَتَ الليل؟ (آخر رد :أحلام المصري)       :: لغة الضاد (آخر رد :عدنان عبد النبي البلداوي)       :: إلى السارق مهند جابر / جهاد دويكات/ قلب.. (آخر رد :أحلام المصري)       :: لنصرة الأقصى ،، لنصرة غزة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: السير في ظل الجدار (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إجراءات فريق العمل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: بــــــــــــلا عُنْوَان / على مدار النبض 💓 (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إخــفاق (آخر رد :محمد داود العونه)       :: جبلة (آخر رد :محمد داود العونه)       :: تعـديل (آخر رد :محمد داود العونه)       :: إنه أنـــــــا .. (آخر رد :الفرحان بوعزة)       :: أُمْسِيَّات لُصُوصِيَّة ! (آخر رد :محمد داود العونه)      


العودة   ۩ أكاديمية الفينيق ۩ > ▆ أنا الفينيقُ أولدُ من رَمَادِ.. وفي الْمَلَكُوتِ غِريدٌ وَشَادِ .."عبدالرشيد غربال" ▆ > ⊱ المدينة الحالمة ⊰

⊱ المدينة الحالمة ⊰ مدينة تحكي فيها القصة القصيرة اشياء الزمان المكان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-02-2017, 09:05 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عباس العكري
عضو أكاديميّة الفينيق
البحرين

الصورة الرمزية عباس العكري

افتراضي وسام



أحقًا، كنتُ أرتدي الرُّعب، وأحملُ قيدًا، لعلّني أفتحُ أرواحًا، أو أُغلِق فضاءات، حينها ربّما أصفعُ الدّهشةَ، لأرسمُ مصائر، حينها سأختمُ نهايات التدريب، وألبس الزي، دون أن أتأمّلُ.
-"يا جلف". هذا ما قالهُ، ثمّ تخيّلتُ أنّي أُمسكهُ، ألوي عنقه، أخنقه، أصفعه، ألكمه، أدوسه، أقيّده، أعلِّقُه، أصعقه، أعصر خصيتيه، أقرص ثدييه، ألتذُّ، أخمدتُ سيجارة فيه، "ألم تنطفء روحك!"
اصطاخ، يصخني نهيز الجرذ، أبحلقُ، أحملُ الهراوة، حدّقتُ، أطلقتُها، تناثر الغبارُ، يزكمني العفن، أسعلُ. أجلسُ فوق الطّاولة، يخترقني مسمار، يغوص، أصرخ، يرتجُّ بطني، يرتطم رأسي.
أسمعُ همهمة، يخاطبني: "ويحك". أصبحتُ مجنوناً، أركض، ألهث، يتسرب دخان، تنحجب الرؤية، تشتعل النيران، يلحقني، أقترب للمخرج، يقاومني البابُ، "أو يجرؤ أن يقاومني"، صرت ثورًا، أرفسهُ، ينخلع، أركله، يهوي، "أنا الفاتح للمغاليق".
ألوّح للمروحيّة، تحلّق في فضاء الفاجعة، تصطدم بالسّور، تنشطر، تنفجر، شظايا، أشلاء. تفرُّ روحي، أصبحت عنكبوتًا، أتسلّق سورًا، أصارع الأسلاك، أقفز محلّقًا، أقع. تتقاذفني الحجارة، يمسكني أحدهم، يطعنني الآخر، يدوسني الثّالث، تلعقني سكاكين، ينزف دمي، تنطلق الأعيرة، تتقدّم مدرّعة القنفذ، تدوسهم، تشطر جدارهم، تتراكم الجثث، تتقاذفها زجاجات حارقة، تخرُّ في حفرة.
أختلس النّظر، أزحفُ، أتصفّحُ وجوهًا، يسكنني الهلع، تتمزّق أحشائي، أتسمّر، يسوّد الغيم، أستنشق اللهاث، يحمرُّ التّراب، يجفُّ دمعي، أتحجّر، تعتريني شهوة، أنتفض، أهجم، أصطدم بهم، أشوّه الوجوه، أوغل فيهم، أحتسي منهم، أشعر ببرودة، أحنُّ للسّلام،"للعلم، للوطن" تتسارع النبضات، أسقط، يصفعني هتاف: "لاتركع إلاّ ..."







  رد مع اقتباس
/
قديم 02-02-2017, 05:17 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
زياد السعودي
الإدارة العليا
مدير عام دار العنقاء للنشر والتوزيع
رئيس التجمع العربي للأدب والإبداع
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو رابطة الكتاب الاردنيين
عضو الهيئة التاسيسية للمنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني
الاردن

الصورة الرمزية زياد السعودي

افتراضي رد: وسام

سلام الله
وتحية تليق

حروفكم تناديكم
نتمناكم اكثر قربا منها
ومن حراك الزملاء والزميلات فيها وعليها
http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=65449
فائق احترامنا






  رد مع اقتباس
/
قديم 02-02-2017, 09:55 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عباس العكري
عضو أكاديميّة الفينيق
البحرين

الصورة الرمزية عباس العكري

افتراضي رد: وسام

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياد السعودي
سلام الله
وتحية تليق

حروفكم تناديكم
نتمناكم اكثر قربا منها
ومن حراك الزملاء والزميلات فيها وعليها
http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=65449
فائق احترامنا


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أسعدني مرورك أخي زياد
لك فائق الود






  رد مع اقتباس
/
قديم 02-02-2017, 11:34 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
رشيدة الفارسي
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
رابطة الفينيق/ تونس
تونس

الصورة الرمزية رشيدة الفارسي

إحصائية العضو








آخر مواضيعي

رشيدة الفارسي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: وسام

نص مربك عميق تتداخل فيه الصور و الانفعالات
يدعوك إلى أكثر من قراءة
مفتوح على شتى التأويلات
جميل أن نقرأ و نعيد القراءة بكل العمق و الثراء
مودتي






  رد مع اقتباس
/
قديم 02-02-2017, 12:07 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
المصطفى العمري
عضو أكاديميّة الفينيق
المغرب

الصورة الرمزية المصطفى العمري

إحصائية العضو








آخر مواضيعي

المصطفى العمري غير متواجد حالياً


افتراضي رد: وسام

فائق تقديري واحترامي






ارحل بنفسك من أرض تضام بها :::: ولاتكن من فراق الأهل في حرق
مــــــن ذل بـــين أهالـــــيه ببلدتــــــه :::: فالإغتراب له من أحسن الخلق.
عن الشافعي
  رد مع اقتباس
/
قديم 04-02-2017, 09:54 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
عباس العكري
عضو أكاديميّة الفينيق
البحرين

الصورة الرمزية عباس العكري

افتراضي رد: وسام

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيدة الفارسي مشاهدة المشاركة
نص مربك عميق تتداخل فيه الصور و الانفعالات
يدعوك إلى أكثر من قراءة
مفتوح على شتى التأويلات
جميل أن نقرأ و نعيد القراءة بكل العمق و الثراء
مودتي
ازدان النص المتواضع باطلالتكم عليه
لكم خالص الدعوات






  رد مع اقتباس
/
قديم 09-02-2017, 01:38 AM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
الفرحان بوعزة
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
المغرب
إحصائية العضو








آخر مواضيعي

الفرحان بوعزة متواجد حالياً


افتراضي رد: وسام

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عباس العكري مشاهدة المشاركة


أحقًا، كنتُ أرتدي الرُّعب، وأحملُ قيدًا، لعلّني أفتحُ أرواحًا، أو أُغلِق فضاءات، حينها ربّما أصفعُ الدّهشةَ، لأرسمُ مصائر، حينها سأختمُ نهايات التدريب، وألبس الزي، دون أن أتأمّلُ.
-"يا جلف". هذا ما قالهُ، ثمّ تخيّلتُ أنّي أُمسكهُ، ألوي عنقه، أخنقه، أصفعه، ألكمه، أدوسه، أقيّده، أعلِّقُه، أصعقه، أعصر خصيتيه، أقرص ثدييه، ألتذُّ، أخمدتُ سيجارة فيه، "ألم تنطفء روحك!"
اصطاخ، يصخني نهيز الجرذ، أبحلقُ، أحملُ الهراوة، حدّقتُ، أطلقتُها، تناثر الغبارُ، يزكمني العفن، أسعلُ. أجلسُ فوق الطّاولة، يخترقني مسمار، يغوص، أصرخ، يرتجُّ بطني، يرتطم رأسي.
أسمعُ همهمة، يخاطبني: "ويحك". أصبحتُ مجنوناً، أركض، ألهث، يتسرب دخان، تنحجب الرؤية، تشتعل النيران، يلحقني، أقترب للمخرج، يقاومني البابُ، "أو يجرؤ أن يقاومني"، صرت ثورًا، أرفسهُ، ينخلع، أركله، يهوي، "أنا الفاتح للمغاليق".
ألوّح للمروحيّة، تحلّق في فضاء الفاجعة، تصطدم بالسّور، تنشطر، تنفجر، شظايا، أشلاء. تفرُّ روحي، أصبحت عنكبوتًا، أتسلّق سورًا، أصارع الأسلاك، أقفز محلّقًا، أقع. تتقاذفني الحجارة، يمسكني أحدهم، يطعنني الآخر، يدوسني الثّالث، تلعقني سكاكين، ينزف دمي، تنطلق الأعيرة، تتقدّم مدرّعة القنفذ، تدوسهم، تشطر جدارهم، تتراكم الجثث، تتقاذفها زجاجات حارقة، تخرُّ في حفرة.
أختلس النّظر، أزحفُ، أتصفّحُ وجوهًا، يسكنني الهلع، تتمزّق أحشائي، أتسمّر، يسوّد الغيم، أستنشق اللهاث، يحمرُّ التّراب، يجفُّ دمعي، أتحجّر، تعتريني شهوة، أنتفض، أهجم، أصطدم بهم، أشوّه الوجوه، أوغل فيهم، أحتسي منهم، أشعر ببرودة، أحنُّ للسّلام،"للعلم، للوطن" تتسارع النبضات، أسقط، يصفعني هتاف: "لاتركع إلاّ ..."

أرتدي الرُّعب، أحملُ قيدًا، أفتحُ أرواحًا، أُغلِق فضاءات، أصفعُ الدّهشةَ، أرسمُ مصائر، أختمُ نهايات، أنفّذُ، لا أتأمّلُ.
-"خذهُ يا جلف".
هذا ما أمرني بهِ المسؤول.
نص جميل في بنائه وصياغته التي ارتكزت على استعمال الفعل المضارع من أول بدايته ، مما يدفعنا إلى القول على كون النص هو بنية مستقلة بذاتها سن فيها السارد نظاما داخليا خاصا به، وهذا لا يعني أن ما يقوله النص هو مرتبط بحياة المؤلف، فالكاتب ينظر إلى الواقع ويتعامل معه لا ليفسره وإنما ينظر إلي ما فوق الواقع عن طريق استحداث لغة لها أثر على القارئ ، فالشكل الأدبي الذي كتب به نص "وسام" يتكون من تراكيب وبنى صرفية وأصوات متعددة تأخذ نوعا من التنميط والتخصيص على المستوى النفسي والاجتماعي والفلسفي.. أي لا يمكن أن نتعامل مع النص كظاهرة لغوية دون ربطها بأبطال يتفردون بلغة لا ترتبط بالواقع الذين يعيشون فيه .
إن الكاتب واع بما يكتب ، فقد مارس على اللغة نوعا من التطويع الذي لا يصل لحد هدم اللغة العادية والوقوف ضدها ، بل حاول أن يستحدث نوعا من السرد المبني على ضمير المتكلم المستتر ، أرتدي ، أحملُ،، أفتحُ ، أُغلِق ، أصفعُ ، أرسمُ ، أختمُ ، أنفّذُ، لا أتأمّلُ..فبداية النص غلفها الكاتب بمعان تحت غطاء جمل فعلية من أجل تسريع وتيرة السلوك المتلاحق المترابط في الزمن مع تغير الحالة النفسية والسلوكية للبطل وهو يقوم بأجرأة الحدث في مكان معين .فالكثافة التعبيرية بفعل المضارع هي نوع من المراوغة التي تبدو للقارئ أنها سريعة مع أن البطل يراوغ في عدم الكشف عن القضية أو الرسالة التي يريد أن يوصلها إلى القارئ. فالسارد يريد أن يمارس اللعب الحر في تشخيص سلوك بطل يعيش رجرجة في النفس واضطراب في السلوك كأنه يجد شهوة لا مقياس لها في فن التعذيب مع ابتكار آلآم لم تخطر على البال .( أُمسكهُ، ألوي عنقه، أخنقه، أصفعه، ألكمه، أدوسه، أقيّده، أعلِّقُه، أصعقه، أعصر خصيتيه، أقرص ثدييه، ألتذُّ، أخمدتُ سيجارة فيه، "ألم تنطفئ روحك!" ) فالقارئ يترقب ما سيأتي في النهاية وما يحدث من خلال تلك اللغة التعبيرية القوية والصادمة في نفس الوقت التي تعمل على تشخيص لوحات مشهدية درامية كأنها مقتطعة من فيلم سينمائي. فرغم تنوع العذاب المتعدد يتبين أن الضحية ما زال صامدا مما جعل البطل يدخل في دوامة التعجب والاستغراب عن طريق التساؤل إنكاري (ألم تنطفئ روحك!" )
أغرق السارد هذه الفقرة بأفعال مضارعة التي تدل على حدث وقع في زمن يقبل التحول والاستقبال ، (أُمسكهُ، ألوي عنقه، أخنقه، أصفعه، ألكمه، أدوسه، أقيّده، أعلِّقُه، أصعقه، أعصر خصيتيه، أقرص ثدييه، ألتذُّ،) جمل فعلية ساهمت في تحريك الحدث وتسريعه لإيصال المشاهد للقارئ عبر أقصر الطرق التي لا تخرج بالفن الإبداعي عن طبيعته الجمالية رغم صعوبة هضم قبح الفعل والسلوك.
-"خذهُ يا جلف".
هذا ما أمرني به المسؤول.
وضعية هذا البطل تتأرجح بين الضعف المتخفي تحت القوة ، والمسلوب الإرادة تحت الخوف المبعثر وأنانية جوفاء وسلطة مقنعة تحت سلطة أخرى مريضة آمرة وأخرى منفذة . بطل مجرد من كل تصرف إرادي ،خال من كل إنسانية وضمير حي. فهو ينفذ بدون مناقشة ، لذلك فهو يتصرف حسب هواه ومزاجه، يتفنن في توليد وخلق حالات تتعلق بما هو غير إنساني من تعذيب مادي ونفسي .إنه استمتاع شهواني لا حد له، وسادية في أعلى درجاتها.
النص يحمل رسالة تشير إلى قضية ما تثير الفضول والتساؤل من قبيل : لماذا؟ وما هو سبب كل هذا التعذيب؟ما الفرق بين الإنسان والحيوان؟..... فالسارد استطاع أن يشكلها في صورة تعبيرية مشحونة بأفعال مضارعة التي تدل على المشابهة بين ما يكتب ويسجل، وبين ما يوجد على أرضية الواقع ، ولتأكيد علاقة المشابهة بين فكرة الكاتب التي سوف يعالجها مستقبلا كنوع من التأجيل للمعنى الذي قد يفصح عنه في آخر النص وقد لا يفصح عنه بل يتركه للقارئ أن يتخيل ويؤول ويستنتج استنتاجات تتماشى مع مواقفه .فالسارد يقول بفكره وإحساسه وعاطفته بل وإنسانيته. فخلق لتلك الحالات لغة خاصة وتركيب فني جديد مبني على توظيف الفعل المضارع من بداية النص حتى نهايته .فرغم قساوة موضوع النص فإن الكاتب عمل جاهدا على اختيار قاموس لغوي مواز للحالات والوضعيات دون روابط، حيث وجه عنايته إلى الإبداع اللغوي أكثر من ابتكار الأفكار. فكل كلمة في النص تقص قصة كاملة عن حجم المعاناة والألم فكأن هذا العنف كتب على الضحايا من الولادة إلى الممات . كاتب يملك موهبة في توليد مفردات اللغة مع حسن الطرح. فكل كلمة تدل على أبعاد مختلفة ومتعددة تنم على عدم الاستقرار الفردي والجماعي قد تفرز كراسي حكام مغلفة بالاستبداد والدكتاتورية .
(اصطاخ، يصخني نهيز الجرذ، أبحلقُ، أحملُ الهراوة، حدّقتُ، أطلقتُها، تناثر الغبارُ، يزكمني العفن، أسعلُ. أجلسُ فوق الطّاولة، يخترقني مسمار، يغوص، أصرخ، يرتجُّ بطني، يرتطم رأسي.)
من خلال هذا المقطع القصير يتبين أن البطل لم يصل إلى مبتغاه، فأحس بالتعب والعياء مما ساعده على سماع الهمهمة التي كانت محفزة على الإنصات المشوب بالحذر،إنه تحول على مستوى الوضعية ،إنه الهروب من النيران التي فاجأته ،مشهد يفضي إلى مشهد ،من ركض ولهاث وملاحقة ونيران مشتعلة (أسمعُ همهمة، يخاطبني: "ويحك". أصبحتُ مجنوناً، أركض، ألهث، يتسرب دخان، تنحجب الرؤية، تشتعل النيران، يلحقني، أقترب للمخرج، يقاومني البابُ، "أو يجرؤ أن يقاومني"، صرت ثورًا، أرفسهُ، ينخلع، أركله، يهوي، "أنا الفاتح للمغاليق".) حالة تتعلق بالبطل الذي تغيرت وضعيته من مهاجم " بكسر الجيم" إلى مهاجم "بفتح الجيم" فقرة تصور حالة البطل وهو في ذروة ضعفه وخوفه بعد ما كان في ذروة قوته وجبروته خاصة بعد تحطم الطائرة التي ربما كانت سوف تنقذه.
(ألوّح للمروحيّة، تحلّق في فضاء الفاجعة، تصطدم بالسّور، تنشطر، تنفجر، شظايا، أشلاء. تفرُّ روحي، أصبحت عنكبوتًا، أتسلّق سورًا، أصارع الأسلاك، أقفز محلّقًا، أقع. تتقاذفني الحجارة، يمسكني أحدهم، يطعنني الآخر، يدوسني الثّالث، تلعقني سكاكين، ينزف دمي، تنطلق الأعيرة، تتقدّم مدرّعة القنفذ، تدوسهم، تشطر جدارهم، تتراكم الجثث، تتقاذفها زجاجات حارقة، تخرُّ في حفرة.
أختلس النّظر، أزحفُ، أتصفّحُ وجوهًا، يسكنني الهلع، تتمزّق أحشائي، أتسمّر، يسوّد الغيم، أستنشق اللهاث، يحمرُّ التّراب، يجفُّ دمعي، أتحجّر، تعتريني شهوة، أنتفض، أهجم، أصطدم بهم، أشوّه الوجوه، أوغل فيهم، أحتسي منهم، أشعر ببرودة، أحنُّ للسّلام،"للعلم، للوطن" تتسارع النبضات، أسقط، يصفعني هتاف: "لاتركع إلاّ ...")
فالكاتب يصور لنا في نهاية النص مفارقة غريبة تنطوي على صراع غير واضح المعالم ، فالغلبة للأقوى .والشريعة السائدة هو التعذيب والتفنن فيه ،أبطال نجهل هويتهم لا يحملون بين أيديهم قضية وطنية أو إنسانية يدافعون عنها بالحجة والإقناع . فالأحداث تتداخل. والحقائق تختلط ، وتبقي الفوضى والتشرذم والانقسام والاختلاف في المواقف وشهوة التعذيب والانتقام هي سمات معممة على كل الأطراف المتناحرة . فالكل يحارب ويقاتل من غير هدف محدد ولا قضية واضحة. فالسمات الممكنة استجلاء البعض منها: الكر والفر ،القوة والضعف ،الفوز والهزيمة ،التناوب على القتل والتعذيب . كل هذه السمات أصبحت متداولة بين وسائل الإعلام ، فرغم عدم ذكر شعوب بعينيها فإنها أصبحت معروفة في العالم رغم جهل حقيقة ما يقع وماذا سيقع غدا. الكل يعيش في فوضى، فوضى ليست خلاقة من أجل تصحيح الوضع وتكون في خدمة الوطن والمجتمع والإنسان ،إنها فوضى من أجل فوضى مدمرة ومهلكة للفرد والمجتمع بل للبشر والحجر.
نهاية النص تكشف عن تناقض كبير بين أفراد المجتمع الواحد في تقييم الوضعية ،البعض يحن للسلم والسلام. (أحن للسلام ،للعلم، للوطن) والبعض يحن للفوضى حتى تختلط الأوراق لينتهز الفرصة أن يتألق على حساب قتل وتشريد الآخر. يصفعني هتاف : "لا تركع إلا ...."هتاف قد يكون داخليا فيه نوع من الصدق ،وقد يكون خارجيا فيه نوع من المراوغة والتدليس . لا تركع إلا إذا تحقق السلام ،أو إذا انتصرت لتربح المعركة ،أعتقد أن في ظل هذه الوضعية المبنية عل الفوضى المفتعلة البعيدة عن رغبة الشعب لن يتحقق الأمن والسلام. وأن الأوسمة سوف توزع دون استحقاق.
نص أدبي جميل اعتمد على فانتازيا السرد المتخيلة التي أظهرت الواقع وهو يترنح تحت الفوضى والانقسام والقتل والتعذيب ، فقضية السارد واضحة ،ورسالته هي أن يدفع بالقارئ أن يتصور حجم معاناة الشعوب .شعوب يأكلون التعذيب ويتنفسون الموت في كل مكان . يموتون مرات عديدة خلال كل حياة .أما قضية البطل فهي ملفوفة بالغموض والمراوغة وإتلاف الحقيقة وضياعها بين سلوكات متناقضة رغم توق البطل إلى السلم والسلام وحب الوطن.
نص أدبي يمكن أن نخضعه للتجريب وقياس مدى تجاوب القراء معه . نص تجمل بفسيفساء من الجمل الفعلية الخالية تقريبا من أدوات الربط والوصل التي توازن بين الجمل أو الفقرات كأدوات التفسير وتعليل السبب،أدوات الربط ،أدوات الاستدراك،أدوات الاقتران وغيرها ..
وأخيرا فإن العمل الأدبي الأصيل هو الذي لا ينسجم أفقه مع أفق القارئ ، وعدم الانسجام هذا يسمى بالمسافة الجمالية، فبقدر ما ينزاح العمل الأدبي عن أفق انتظار القارئ تتحقق جودته الفنية . نص مشاغب ومشاكس على مستوى المبنى والمعنى ، فمن الأكيد سوف لا تنتج نفس القراءات حين يتم قراءة هذا النص ويؤوله أشخاص يختلفون لغويا وثقافيا واجتماعيا .... محبتي وتقديري






  رد مع اقتباس
/
قديم 09-02-2017, 10:13 PM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
عباس العكري
عضو أكاديميّة الفينيق
البحرين

الصورة الرمزية عباس العكري

افتراضي رد: وسام

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المصطفى العمري مشاهدة المشاركة
فائق تقديري واحترامي
الشكر موصول لك أخي المصطفى لمرورك الطيب
تقبل التحايا أعبقها






  رد مع اقتباس
/
قديم 09-02-2017, 10:14 PM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
عباس العكري
عضو أكاديميّة الفينيق
البحرين

الصورة الرمزية عباس العكري

افتراضي رد: وسام

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الفرحان بوعزة مشاهدة المشاركة

وأخيرا فإن العمل الأدبي الأصيل هو الذي لا ينسجم أفقه مع أفق القارئ ، وعدم الانسجام هذا يسمى بالمسافة الجمالية، فبقدر ما ينزاح العمل الأدبي عن أفق انتظار القارئ تتحقق جودته الفنية . نص مشاغب ومشاكس على مستوى المبنى والمعنى ، فمن الأكيد سوف لا تنتج نفس القراءات حين يتم قراءة هذا النص ويؤوله أشخاص يختلفون لغويا وثقافيا واجتماعيا .... محبتي وتقديري
لايسع المعجم المحيط أن يفيك مفردات الشكر رغم أن الكلمات لاتنضب فما عساي أن أقول
سوى أنّك النبراس الذي نختط منه منهجا في النقد والسرد فلك مني الدوام على مواكبة نصوصك الرائدة
خالص الود






  رد مع اقتباس
/
قديم 10-02-2017, 01:09 PM رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
قصي المحمود
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
العراق

الصورة الرمزية قصي المحمود

إحصائية العضو







آخر مواضيعي

قصي المحمود غير متواجد حالياً


افتراضي رد: وسام

لي عودة لهذا النص المربك حقا ..
تحياتي للاخ عباس العكري






  رد مع اقتباس
/
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة نصوص جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:24 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط